باب النجاسات
  وذهب زيد بن علي #(١) والشافعي(٢) والحنفية(٣) إلى أنه نجس كثيره وقليله.
  واحتج بعضهم لذلك بظاهر خبر عمار. قالوا: وخبر الدسعة إنما ورد في نقض الوضوء(٤). قلنا: النقض فرع التنجيس(٥).
  وذهب أبو حنيفة، ومحمد(٦) إلى أن البلغم طاهر، ولو كان من المعدة؛ إذ لا تعلق به النجاسة لصقالته. لنا عموم الدليل. فأما ما كان من اللهوات أو الرأس فطاهر إجماعًا(٧).
[حكم قيء الدم]
  وذهب المؤيد بالله إلى أن قيء الدم لا يعتبر فيه الدسعة، بل حكمه حكم الدم(٨)؛ لعموم قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ}(٩).
  قلنا: خبر الدسعة مخصص لعمومها.
  وعلى أحد أقوال المنصور بالله حكمه حكم الدم في التنجيس للآية، وحكم القيء في نقض الوضوء للخبر(١٠).
[حكم لبن غير المأكول]
  وأما لبن غير المأكول فعند الأكثر أنه نجس؛ لاستحالته في الباطن كسائر الفضلات المستحيلة فيه(١١).
  وعند(١٢) الحقيني(١٣) أنه طاهر كالعَرَقِ(١٤).
(١) انظر: الانتصار ١/ ٤٤٢، والبحر الزخار ١/ ١٥.
(٢) انظر: المهذب ١/ ١٦٧، وروضة الطالبين ص ١٠.
(٣) انظر: مختصر اختلاف العلماء ١/ ١٣٢، وبدائع الصنائع ١/ ٦٠.
(٤) انظر: البحر الزخار ١/ ١٥ - ١٦.
(٥) المصدر السابق.
(٦) انظر: المبسوط ١/ ٧٩.
(٧) انظر: البحر الزخار ١/ ١٦، وشفاء الأوام ١/ ١٣٤.
(٨) انظر: البحر الزخار ١/ ١٦.
(٩) سورة المائدة: ٣.
(١٠) انظر: البحر الزخار ١/ ١٦.
(١١) انظر: المرجع السابق.
(١٢) في (ب): وعن.
(١٣) الحقيني: هو الهادي بن المهدي بن الحسن الحقيني بن علي بن جعفر بن حسن بن عبد الله بن علي بن الحسين بن الحسن بن علي بن أحمد الحقيني، كان جامعا للعلوم، أجمع العلماء في زمانه أن سبع علمه آلة للإمامة، كان متشددًا على الملاحدة الباطنية، ترشح للإمامة في بلاد الاستندارية من أرض الديلم، وبقي آمرًا بالمعروف ناهيا عن المنكر حتى استشهد سنة (٤٩٠ هـ). انظر: التحف شرح الزلف ص ٢١٦، وطبقات الزيدية الكبرى ٢/ ١١٩٢ رقم (٧٥٥).
(١٤) انظر: البحر الزخار ١/ ١٦.