كتاب الطهارة
  في الهواء من جهة إلى جهة نضوب، فتطهر بذلك وإن قدرنا أنها تنفصل [من السقف](١) نجسة(٢). انتهى. ولا يخلو عن تسامح والله أعلم. وقيل: إن النجاسة إذا كانت باقية على السطح فالقاطر كله نجس؛ واستدل على طهارة الأرض الرخوة بالنضوب بحديث الأعرابي الذي بال في المسجد، وقول النبي ÷: «صبوا عليه ذنوبا من ماء»(٣)، وظاهر الحديث أن مجرد صب الماء على النجاسة كاف في طهارة الأرض الرخوة وإن لم ينضب الماء إذا لم يبق للنجاسة أثر، وعلى ذلك بنى في البحر حيث قال: مسألة: والأرض الرخوة بالمكاثرة إجماعًا وإن لم ينضب الماء في الأصح؛ لحديث الأعرابي. انتهى(٤).
  قيل: ووجه الدلالة أن طهارة الأرض علِّقت فيه بالمكاثرة، وقد وجدت فلا دليل على اشتراط النضوب.
  قال الإمام يحيى: والمكاثرة: هي غمر المتنجس بالماء المذهب لأوصافها؛ إذ به زوالها. انتهى(٥).
  وقوله في مسألة البحر: "في الأصح" إشارة إلى ما هو ظاهر كلام أهل المذهب من أن نضوب الماء شرط في طهارة الأرض؛ إذ لا يتحقق ذهاب النجاسة إلا به(٦).
  وعن بعض أهل المذهب أنه يشترط الجفاف أيضا، وهو أن لا يبقى في الأرض رطوبة.
  ومفهوم قوله في الأثمار: "وأرض رخوة " أن الأرض الصلبة بخلافها، وهو المختار للمذهب، فلا يطهر بالنضوب، بل يشترط أن يسيح عليها الماء سواء باشرها نجس أو متنجس. ويشترط في طهارتها بذلك أن لا يبقى عليها للنجاسة أثر(٧).
  قيل: وقياس المذهب أن الأرض المستوية الصلبة لا تطهر إلا بأن يصب عليها الماء(٨) ثلاث مرات ثم يزال ثلاث مرات.
(١) ما بين المعقوفتين ساقط من (ج).
(٢) انظر: ضوء النهار ١/ ١٣٣.
(٣) سبق تخريجه ص ٢٢٧.
(٤) انظر: البحر الزخار ١/ ٢٦.
(٥) انظر: الانتصار ١/ ٤٦٨، والبحر الزخار ١/ ٢٦.
(٦) انظر: البحر الزخار ١/ ٢٦.
(٧) انظر: شرح الأزهار ١/ ٤٨، والتاج المذهب ١/ ٢٤.
(٨) في (ب، ج): إلا بصب الماء عليها ثم يزال.