باب النجاسات
  ويكفي في ذلك حصول الظن، وسواء في ذلك المكلف وغيره، فلا يحتاج إلى تقديم غسل الفم على الوضوء، ولا يعتبر في الحكم بطهارتها مدة معلومة على الأصح في جميع ذلك(١).
  واعلم أن الكلام في هذه المسألة يشتمل على فوائد:
الفائدة الأولى: في حكم فم الهرة:
  إذ هو الأصل المقيس عليه؛ لورود الدليل فيه. ومذهب العترة(٢) والشافعي(٣) أن فم الهرة طاهر، ولا يكره سؤره؛ لنحو ما رواه أهل السنن الأربع وغيرهم، عن كبشة بنت كعب بن مالك(٤) أنها سكبت وضوءًا لأبي قتادة(٥)، فجأت هرة تشرب منه فأصغى لها الإناء حتى شربت، قالت كبشة: فرآني أنظر إليه، فقال: أتعجبين يا ابنة أخي. قالت: فقلت: نعم، فقال: إن رسول الله ÷ قال: «إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم أو الطوفات»(٦). انتهى.
(١) انظر: البحر الزخار ١/ ٢٧، وشرح الأزهار ١/ ٤٥ - ٤٦، وضوء النهار ١/ ١٢٣، والتاج المذهب ١/ ٢٣.
(٢) انظر: الانتصار ١/ ٣٣٠، وشرح الأزهار ١/ ٤٦.
(٣) انظر: روضة الطالبين ص ١٦، والمهذب ١/ ٥٢، والمجموع ١/ ٢٢٥.
(٤) كبشة بنت كعب بن مالك الأنصارية، روت عن أبي قتادة، وكانت زوجة ابنه عبد الله، قال ابن حبان: لها صحبة، وذكرها في كتاب الثقات، روت عنها بنت أختها حُميدة بنت عبيد بن رفاعة. انظر: تهذيب الكمال ٣٥/ ٢٩٠ - ٢٩١ رقم (٢٧٩١٦)، وتهذيب التهذيب ١٢/ ٣٩٦ رقم (٢٨٧٩).
(٥) أبو قتادة: هو الحارث بن ربعي بن خناس السلمي المدني، وقيل: عمرو أو النعمان بن ربعي، كان من خواص رسول الله ÷، صاحب رسول الله ÷ وفارسه، قال فيه: «خير فرساننا أبو قتادة» شهد أحدا، والخندق، وما بعد ذلك من المشاهد مع رسول الله ÷، توفي بالمدينة سنة (٥٤ هـ) وهو ابن (٧٢ هـ). انظر: الاستيعاب ٤/ ٢٩٤، وأسد الغابة ٦/ ٢٤٤، والإصابة ٤/ ١٥٧، وتهذيب الكمال ٣٤/ ١٩٤ - ١٩٦ رقم (٧٥٧٤)، وتقريب التهذيب، للحافظ ابن حجر العسقلاني - تحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف - دار المعرفة - بدون تاريخ. ١/ ٥٨٧ رقم (٨٣١١).
(٦) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الطهارة - باب سؤر الهرة ص ٣٢ رقم (٧٦)، والترمذي في سننه - كتاب الطهارة - باب ما جاء في سؤر الهرة ص ٢٧ رقم (٩٢)، وقال: حديث حسن صحيح. والنسائي في سننه، كتاب الطهارة - باب سؤر الهرة ص ١٥، رقم (٦٨)، وابن ماجة في سننه، كتاب الطهارة وسننها - باب الوضوء بسؤر الهرة والرخصة في ذلك ص ٥٩، رقم (٣٦٧)، وأخرجه في مصنف عبد الرزاق، كتاب الطهارة - باب سؤر الهرة ١/ ١٠١ رقم (٣٥٣)، ومصنف ابن أبي شيبة، كتاب الطهارات - باب من رخص الوضوء بسؤر الهر ١/ ٣٦ رقم (٣٢٥)، وشفاء الأوام، كتاب الطهارة - باب تعيين الأشياء النجسة وبيان كيفية الطهارة منها ١/ ١٣٩، والدارقطني في سننه، كتاب الطهارة، باب الآسار ١/ ٧٠ رقم (٢٢).