تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

باب النجاسات

صفحة 265 - الجزء 1

  وفي التلخيص⁣(⁣١) منسوبًا إلى الهروي⁣(⁣٢) من حديث عبد الله بن أبي قتادة⁣(⁣٣) قال: كان أبو قتادة يصغي الإناء للهرة فتشرب منه ثم يتوضأ به. فقيل له في ذلك! فقال: ما صنعت إلا ما رأيت رسول الله ÷ يصنع⁣(⁣٤). انتهى.

  فدل الحديثان ونحوهما على طهارة فم الهرة مع التنبيه في الأول على العلة وهو الطواف كما سيأتي.

  وعن أبي حنيفة أنه نجس كأفواه سائر السباع عنده، لكن خفف فيه؛ لتعذر الاحتراز منه؛ لكونه من الطوافات⁣(⁣٥). قلنا: لا نسلم نجاسة السباع⁣(⁣٦).

الفائدة الثانية: في حكمه إذا تناول نجاسة بفيه

  المذهب أنه ينجس فوه بذلك كغيره⁣(⁣٧). وعن الشافعي في أحد قوليه⁣(⁣٨) وأبي الفضل الناصر⁣(⁣٩): لا ينجس بذلك؛ لقوله ÷: «إنها ليست بنجس». قلنا: يعني ليست بنجس ذات كالكلب.


(١) انظر: تلخيص الحبير ١/ ١٥.

(٢) الهروي: هو علي بن أبي بكر الهروي الموصلي، نزيل حلب، أبو الحسن، رحالة، ذكر ابن خلكان أنه طوف في الآفاق حتى لم يترك برًّا ولا بحرا ولا سهلا ولا جبلا من الأماكن التي يمكن قصدها، أصله من هراة، ولد بالموصل، وطاف البلاد، وأكثر من الزيارات، من مصنفاته: الإشارات إلى معرفة الزيارات من صحيح الروايات، والخطب الهروية، وغيرهما، توفي في ١٠/رمضان/ سنة ٦١١ هـ. انظر: وفيات الأعيان ١/ ٤٣٧، ومعجم المؤلفين ٢/ ٤١٢ رقم (٩٢٦٢).

(٣) عبد الله بن أبي قتادة الأنصاري السلمي، أبو إبراهيم، ويقال أبو يحيى المدني، وله أخ اسمه ثابت بن أبي قتادة، روى عن جابر بن عبد الله، وأبيه أبي قتادة فارس رسول الله، وثقه النسائي، وابن حبان، روى له الجماعة، توفي بالمدينة في سنة ٩٥ هـ. انظر: تهذيب الكمال ١٥/ ٤٤٠ رقم (٣٤٨٧)، والتاريخ الكبير ٥/ ١٧٥، وطبقات ابن سعد ٥/ ٢٧٤.

(٤) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الطهارة، باب سؤر الهرة، ص ٣١ - ٣٢ رقم (٧٥)، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب الطهارة - باب سؤر الهرة ١/ ٢٤٥ رقم (٢٤٥)، وابن ماجة في سننه، كتاب الطهارة وسننها - باب الوضوء بسؤر الهرة والرخصة في ذلك ص ٥٩ رقم (٣٦٧)، والنسائي في سننه - كتاب الطهارة - باب سؤر الهرة ص ١٥ رقم (٦٨)، والترمذي في سننه، كتاب الطهارة - باب ما جاء في سؤر الهرة ص ٢٧ رقم (٩٢)، والدارقطني في سننه - كتاب الطهارة - باب سؤر الهرة ١/ ٦٦ رقم (١).

(٥) بدائع الصانع ١/ ٦٥، والهداية ١/ ٢٦.

(٦) انظر: شرح الأزهار ١/ ٤٦، وشفاء الأوام ١/ ١٣٩.

(٧) انظر: البحر الزخار ١/ ٢٦.

(٨) انظر: روضة الطالبين ص ١٦، والمهذب ١/ ٥٢.

(٩) أبو الفضل الناصر: من فقهاء الناصر، من الأجلاء الأماثل، وهو مصنف كتاب (الوافي) ذكر المرشد بالله في تاريخ المؤيد بالله أن أبا الفضل الناصر عارضه في الإمامة، وجرت له معه قصص. أقام بهوسم أربعة أشهر بعد أن حارب الأمير أبا زيد وهزمه. انظر: الحدائق الوردية ٢/ ١٣٨.

انظر: شفاء الأوام ١/ ١٣٩.