باب النجاسات
الفائدة الثالثة: فيما يطهر به إذا تنجس
  فعند العترة يطهر بجري الريق فيه؛ لحدته وعمومه للفم، وتعذر غيره، ويكفي في ذلك غلبة الظن مع زوال عين النجاسة. كما تقدم. فلو تناول نجاسة ثم ولغ في شيء قبل أن يغلب الظن بطهارة فِيْهَا بالريق حكم بنجاسة ذلك الشي، ولا اعتبار بالمدة(١).
  وعن المؤيد: يقدر ذلك بليلة. وقيل: بمضي يوم وليلة؛ إذ من البعيد أن يمضي عليه ذلك القدر من دون(٢) جريان الريق(٣).
  وعن الشافعي وهو الأظهر عنه لا يطهر إلا بأن يلغ في ماء كثير أو جار، أو يغيب بعد تناول النجاسة مدة لا يصبر في مثلها عن الماء مع زوال عين النجاسة كالدم(٤).
  قلنا: الماء لا يعم جميع فيها؛ لأنها إنما تناوله(٥) بطرف لسانها قليلا قليلا وتدليه إلى حلقها.
  وعن المنصور، والقاسم: تطهر بزوال عين النجاسة من الدم ونحوه(٦).
  وقد يحتج بخبر الهرة(٧) ممن يرى نجاسته من يقول بأن الماء القليل لا ينجسه إلا ما غير أحد أوصافه. ومقتضى قوله: أن يقصر(٨) ذلك على الماء.
  وصحح بعض الشافعية نجاسة سؤر الهرة مطلقا. قالوا: لأن الريق غير مطهر، والماء لا يعم فاها(٩). لنا ما تقدم.
الفائدة الرابعة: في سائر الأفواه هل تلحق بفم الهرة؟ فيما ذكر
  فمذهب(١٠) أكثر العترة أن سائر الأفواه كذلك قياسا على فم الهرة؛ لحصول(١١) العلة الجامعة، وهي جريان الريق، وحدته، وتعذر غيره؛ إذ الماء لا يعم كما مر(١٢).
(١) انظر: شرح الأزهار ١/ ٤٦.
(٢) في (ج): من غير.
(٣) الانتصار ١/ ٤٧٧، وشرح الأزهار ١/ ٤٦، والبيان الشافي ١/ ٤٩، وضوء النهار ١/ ١٢٤.
(٤) انظر: روضة الطالبين ص ١٦، والمهذب ١/ ٥٢، والمجموع ١/ ٢٢٢.
(٥) في (ج): لأنها تناوله.
(٦) انظر: البيان الشافي ١/ ٤٩، وشرح الأزهار ١/ ٤٦.
(٧) في (ج): بحديث الهرة.
(٨) في (ج): أن يقتصر ذلك.
(٩) انظر: روضة الطالبين ص ١٦.
(١٠) في (ج): فذهب أكثر.
(١١) في (ب): بحصول.
(١٢) انظر: الانتصار ١/ ٤٧٦، وشرح الأزهار ١/ ٤٦، والمجموع ١/ ٢٢٥.