كتاب الطهارة
  قلنا: أخبارنا للحظر، وهو مرجَّحٌ؛ ولتأخر خبر ابن عكيم؛ وإذ لا يخرج من عموم أخبارنا إلا ما لا ينجس بالموت، وهو ما لا تحله الحياة، بخلاف عموم أخبارهم فإنه يخرج من عمومها الخنزير والكلب والآدمي، وكثرة الخارج يضعف العموم.
  وفي الكافي عن زيد بن علي(١): يطهر جلد الميتة بالدباغ؛ ودليله ما مرَّ(٢). لنا ما تقدم.
  فرع: لهم وإنما يطهر بالإندباغ المزيل للعفونات، بحيث لا يعود إليه النتن لو نقع في الماء، وإنما يحصل ذلك بِحِرِّيفٍ(٣) كالشَّثِّ(٤) والقَرَظِ(٥) والعَفْصِ(٦) والشَّبِّ(٧) ونحوها ولو نجسا كذرق حمام لا ما لا يزيل العفونات، وإنما يستر(٨) الزهومات(٩) كالتراب والشمس والتمليح، وإذا طهر بالدباغ جاز بيعه، ولا تصح الصلاة فيه حتى يغسل؛ لأنه إنما يطهر بالدباغ عينه فيصح بيعه ويبقى متنجسًا؛ لأن الذي دبغ به إما نجس فظاهر، وإما طاهر فهو ينجس بملاقاته قبل الاندباغ ويبقى ملتصقًا به فلا يطهر إلا بالغسل.
  وفي شعره روايتان: يطهر تبعا له للضرورة، وهو الأصح، ولا إذ لا يتأثر الشعر بالدباغ، وعلى القول بعدم طهارة الشعر لا يجوز بيع الجلد بشعره، إلا أن يقول: بعتكه بلا شعر، وفي جواز أكله وجهان.
  مسألة: وإذا طبخ اللحم بماء متنجس فقيل: يطهر بالغسل مع العصر، وقيل: بأن يطبخ بماء طاهر.
(١) في (ب): @.
(٢) انظر: الانتصار ١/ ٣٥٩، وشفاء الأوام ١/ ١٢١، وشرح الأزهار ١/ ٣٨ (الهامش رقم ٣).
(٣) الحريف: كل ما له حرارة. والحرافة: طعم يحرف اللسان والفم، وبصلٌ حرِّيف كسكِّيت: يحرق الفم وله حرارة. وقيل: كل طعام يحرق فم آكله بحرارة مذاقه حِرِّيفٌ. انظر: تاج العروس ١٢/ ١٣٧، مادة: حرف.
(٤) الشَّثُّ: نبت طيِّبُ الرِّيح يدبغ به. القاموس المحيط ص ١٦٩.
(٥) القَرَظُ: ورقُ السَّلَم يُدبغُ به، وقيل: قِشْرُ البَلُّوط. مختار الصحاح ص ٥٣٠، مادة: قرظ.
(٦) العفصُ: شجرة من البلوط تحمل سنة بَلُّوطًا وسنة عفصًا. قال الأطباء: هو دواء قابض مُجَفِّف، يَرُدُّ المواد المُنصِبَّة، ويشد الأعضاء الرخوة الضعيفة خاصة الأسنان، و إذا نقع في الخَلِّ سوَّد الشعر. انظر: تاج العروس ٩/ ٣١٧، مادة: عفص.
(٧) الشَّبُّ: حجر معروف يشبه الزَّاجَ، يُدْبَغُ به الجلود. انظر: لسان العرب ١/ ٤٨٣، مادة: شبب.
(٨) في (ب): يسترر.
(٩) الزُّهُومَةُ: بالضم الريح المنتنة. انظر: لسان العرب ١٢/ ٢٧٧، مادة: زهم.