باب المياه
  قال في الغيث: والصحيح ما أشار إليه أبو مضر، والسيد علي بن الحسين(١) في اللمع(٢) من أن كلا موكول إلى ظنه، فما غلب على الظن أنه المتصل بالنجاسة فهو المجاور الأول، واعتبار المجاورات هو ما حصله السادة الثلاثة(٣) والقضاة الثلاثة(٤) للمذهب، وهو قول أبي حنيفة، ورواية عن الشافعي على اختلاف بينهم في حد المجاور(٥)؛ وحجتهم على ذلك خبر الاستيقاظ، وخبر الفأرة.
  أما الخبر الأول: فلأن الأمر فيه بالغسلات الثلاث يدل على نجاسة الغُسَالة الأولى والثانية، وهما المجاوران.
  وأما خبر الفأرة: فلأنه أمر فيه بإلقاء ما حولها وهو المجاور. قيل: وكلامهم حيث كانت النجاسة جامدة، ويقرب أن يكون الحكم [كذلك](٦) إذا كانت مائعة ولها لون يخالف لون الماء، [وإلا فلا قائل](٧) بالمجاورة فيما عدا ذلك، والظاهر من(٨) قول القاسم والهادي والناصر والشافعي عدم اعتبارهما(٩)، وأن الماء الكثير إذا لم تغير النجاسة أحد أوصافه لم ينجس منه شيء(١٠)؛ وحجتهم على ذلك ما رواه أبو داود وغيره، واللفظ له عن أبي سعيد الخدري قال: قيل: يا رسول الله إنه يستسقى لك من بئر بضاعة ويلقى فيها لحوم الكلاب وخرق المحائض وعذر الناس،
(١) هو الأمير علي بن الحسين بن يحيى بن يحيى بن الناصر الحسين بن عبد الله بن محمد المختار بن أحمد بن الإمام الهادي، عالم، مجتهد، من فقهاء الزيدية المشهورين، اتفقت الزيدية على فضله، واعتمدت كتبه، وكان متواضعًا، من مؤلفاته: اللمع في فقه أهل البيت، ودرر الفرائض في الجلي منها والغامض، والكوكب الدري في الفقه، وغيرها، توفي بقطابر سنة ٦٢٧ هـ، وقبره بها. انظر: أعلام المؤلفين الزيدية ص ٦٧٥ رقم (٧١٢)، وطبقات الزيدية الكبرى القسم الثالث ٢/ ٧٢٥ رقم (٤٤٣)، ومطلع البدور ٣/ ٢٢٧ رقم (٨٧٦).
(٢) وهو من أجلِّ كتب الزيدية في الفقه، وهو مأخوذ من التحرير لأبي طالب، والتجريد للمؤيد بالله، وشروحهما، وهو في ستة مجلدات، مخطوط.
(٣) وهم: أبو طالب، والمؤيد بالله، وأبو العباس الحسني. هامش الأصل.
(٤) القاضي زيد، وأبو مضر، والقاضي جعفر. هامش الأصل.
(٥) انظر: التذكرة الفاخرة ص ٦٤، وشرح فتح القدير ١/ ٦٨.
(٦) في (ب): لذلك.
(٧) في (ب): ولا قائل.
(٨) في (ب): والظاهر أن قول.
(٩) في (ب، ج): عدم اعتبارها.
(١٠) انظر: البحر الزخار ١/ ٢٧، ٢٨، والناصريات ص ٦٨، والمهذب ١/ ٥١، وبداية المجتهد ١/ ٢٤.