كتاب الطهارة
  عند آخر مع اتفاق مذهبهما - فجوابه: أن كلاً متعبدٌ بظنه، ولا حرج في ذلك. والله أعلم. وذهب الناصر والمنصور والمهدي أحمد بن الحسين(١) والشافعي إلى أن الكثير: ما كان قدر قلتين من قلال هجر(٢)، وما دون ذلك فهو قليل(٣)؛ واستدلوا على ذلك بما رواه الشافعي وأحمد وأهل السنن الأربع: أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، ورواه ابن خزيمة، وابن حبان، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي من حديث عبيد الله(٤) بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن أبيه، ولفظ أبي داود: سئل رسول الله ÷ عن الماء وما ينوبه من السباع والدواب، فقال رسول الله ÷: «إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث»(٥)، ولفظ الحاكم، فقال: «إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء»(٦). وفي رواية لأبي داود وابن ماجة: «فإنه لا ينجس»(٧).
(١) المهدي أبو طير أحمد بن الحسين بن أحمد بن القاسم بن عبد الله القاسمي، ولد بهجرة كومة من بلاد الظاهر بجبل شاكر سنة ٦١٢ هـ. وقيل: ٦١٤ هـ -، كان من أمثل أئمة الزيدية علمًا وعملا وجودا، كان شجاعا داهية، حازمًا، بايعه الزيدية في اليمن سنة ٦٤٦ هـ، ولقب بالإمام المهدي لدين الله، ولم يزل قائمًا بأمر الله تعالى صابرًا محتسبا حتى استشهد في صفر سنة ٦٥٦ هـ، وقبر بذيبين، وكان عمره ٤٢ سنة، وخلافته ١٠ سنين. من مؤلفاته: حليفة القرآن من أحكام أهل الزمان، والمفيد الجامع (فتاوى جمعها تقي الدين علي بن سلام)، وبغية المرتاد، وغيرها. انظر: طبقات الزيدية ١/ ١١٠ رقم (٣٩)، وأعلام المؤلفين الزيدية ص ٩٦ رقم (٦٧)، والأعلام ١/ ١١٧.
(٢) القلة: الحُبُّ، والحُبُّ: الجرة، أو الضخمة منها العظيم، والجمع قِلال، وهي معروفة بالحجاز. وهجر: قرية قريبة من المدينة، وليست هجر البحرين. انظر: النهاية في غريب الحديث ٤/ ١٠٤.
(٣) انظر: الناصريات ١/ ٦٨، والمهذب في فتاوى الإمام المنصور عبد الله بن حمزة ص ١٨، والانتصار ١/ ٢٥١، والمهذب ١/ ٤٤، والمجموع ١/ ١٦٢.
(٤) في (ب، ج): عبد الله بن عبد الله.
(٥) أخرجه الشافعي الأم ١/ ١٢، أحمد بن حنبل في مسنده ٢/ ٢٢٥ رقم (٤٦٠٥)، ورقم (٤٩٦١)، وأبو داود، كتاب الطهارة - باب ما ينجس من الماء ١/ ٥١ رقم (٦٣)، والترمذي، كتاب الطهارة - باب ما جاء الماء لا ينجسه شيء ١/ ٩٧ رقم (٦٧)، والنسائي، كتاب الطهارة - باب التوقيت في الماء ١/ ٤٦ رقم (٥٢)، وصحيح ابن خزيمة، باب جماع أبواب ذكر الماء الذي لا ينجس والذي ينجس إذا خالطته نجاسة ١/ ٤٩ رقم (٩٢)، وسنن الدارقطني، كتاب الطهارة - باب حكم الماء إذا لاقته نجاسة ١/ ١٥، والحاكم في المستدرك، كتاب الطهارة - باب ذكر اختلاف الرواة والألفاظ في حديث القلتين ١/ ١٣٣. والحديث روي بعدة أسانيد، حيث رواه الوليد بن كثير تارة عن محمد بن عباد بن جعفر المخزومي، وأخرى عن محمد بن جعفر بن الزبير الزبيري، وتارة عن عبد الله بن عبد الله بن عمر، وأخرى عن أخيه عبيد الله بن عبد الله بن عمر.
(٦) الحاكم في المستدرك، كتاب الطهارة - باب إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء ١/ ١٣٢، وأحمد في مسنده ١/ ٢٥٦ رقم (٤٨٠٣)، والدارقطني، كتاب الطهارة - باب حكم الماء إذا لاقته نجاسة، وابن ماجة، كتاب الطهارة وسننها - باب مقدار الماء الذي لا ينجس ١/ ١٧٢ رقم (٥١٧، ٥١١٨)، وصحيح ابن حبان، كتاب الطهارة - باب المياه: ذكر أحد التخصيصين اللذين يخصان عموم الخبر الذي ذكرناه ٤/ ٥٧ رقم (١٢٤٩)، ومصنف عبد الرزاق، باب الماء لا ينجسه شيء، وما جاء في ذلك ١/ ٨٠ رقم (٢٦٦).
(٧) أبو داود، كتاب الطهارة - باب ما ينجس من الماء ١/ ٥٢ رقم (٦٥)، وأحمد في مسنده ٢/ ٤٣٦ رقم =