تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

باب المياه

صفحة 317 - الجزء 1

  واختلف فيما استعمل للتبرد، فالأكثر أنه قراح⁣(⁣١).

  وقال الطحاوي: إنه مستعمل، وأنكره غيره من الحنفية⁣(⁣٢).

  وأما النوع الثاني: وهو في بيان حكمه، ففيه أقوال:

  الأول: أنه طاهر غير مطهر، وهذا تحصيل أبي طالب للمذهب، وقول المؤيد بالله القديم، ورواية لأبي حنيفة، وهو قول محمد، ورواية لمالك وأحد قولي أبي العباس⁣(⁣٣)؛ وحجة هؤلاء أنه لم يلاق نجاسة، وأن الصحابة ¤ كانوا يتبادرون إلى فضل وضوء الرسول ÷ فيتمسحون به⁣(⁣٤)، وإنما كان غير مطهر؛ لأنه زال عنه اسم الماء المطلق، فأشبه ماء الكروم ونحوها.

  قيل: ولأن المعلوم من حال الصحابة في أسفارهم وغزواتهم أنهم كانوا مع شدة حاجتهم إلى الماء للطهارة لم يكونوا يلتمسون ما يتساقط من فضلات الوضوء والغسل، بل كانوا يعدلون إلى التيمم⁣(⁣٥).

  القول الثاني: أنه طاهر مطهر، وهذا للمؤيد بالله أخيرا، والحسن، والثوري، ورواية


(١) انظر: بدائع الصنائع ١/ ٦٩، والمغني ١/ ٢١، والكافي في فقه الإمام المبجل أحمد بن حنبل ١/ ٥.

(٢) مختصر الطحاوي ص ١٦ أي لا يجوز التوضؤ به ولا الاغتسال به. وقد غلَّطه السرخسي في المبسوط ١/ ٥٣ فقال: وهذا غلط منه، إلا أن يكون تأويله إن كان محدثًا فيزول الحدث باستعمال الماء، وإن كان قصده التبرد، فحينئذ يصير مستعملا.

(٣) انظر: التحرير ١/ ٥٨، والانتصار ١/ ٢٨٣، وشرح التجريد ١/ ٦٢، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ١٢٩، والهداية شرح بداية المهتدي ١/ ٢٢، وعيون المجالس ١/ ١٦٢، والكافي في الفقه على مذهب أهل المدينة ١/ ٢٥. وهو كذلك مروي عن الشافعي. انظر: المجموع ١/ ٢٠٢. وللحنابلة روايتان في الماء المستعمل: الأولى: يصير طاهرًا. والثانية: أنه طهور، والمذهب هو الرواية الأولى. انظر: الإنصاف ١/ ٣٥ - ٣٧، والمغني ١/ ١٨.

(٤) أخرج البخاري، في كتاب الوضوء - باب استعمال فضل وضوء الناس ١/ ٨٠ رقم (١٥٨) عن الحكم، قال: سمعت أبا جحيفة يقول: خرج علينا رسول الله ÷ بالهاجرة فأتي بوضوء فتوضأ، فجعل الناس يأخذون من فضل وضوئه فيتمسحون به ... الخ، وهو مكرر برقم (٣٦٩، ٤٧٩، ٤٧٣)، وأخرجه مسلم، كتاب الصلاة - باب سترة المصلي ١/ ٣٦١ رقم (٢٥٢)، وابن حبان في صحيحه، باب ذكر إباحة التبرك بوضوء الصالحين من أهل العلم إذا كانوا متبعين لسنن المصطفى ÷ دون أهل البدع منهم ٤/ ٨٢ رقم (١٢٦٨)، والطبراني في المعجم الكبير ٢٢/ ١٢٤ رقم (٣٢٠)، والبيهقي في شعب الإيمان، باب: في تعظيم النبي ÷ وإجلاله وتوقيره ٢/ ٢٠١ رقم (١٥٣٣)، والبيهقي في السنن، باب طهارة الماء المستعمل ١/ ٢٣٥، وفي باب ما يكون سترة المصلي ٢/ ٢٧٠، وأحمد بن حنبل في مسنده ٦/ ٤٥٦ رقم (١٨٧٨٢).

(٥) انظر: أصول الأحكام ١/ ٩.