تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 319 - الجزء 1

  العباس]⁣(⁣١) الغسلة الأولى؛ لأنه أزيل بها مانع من الصلاة، فأشبه غسل النجس.

  قال: بل حكم ما أزال الحدث أبلغ؛ لأن يسير الحدث لا يعفى عنه، ويسير النجس يعفى عنه؛ ولأن الحدث يتعدى حكمه عن محله، والنجس لا يتعدى حكمه عن محله.

  ورُدَّ بأن الذي أزيل به النجس لاقى النجاسة فصار نجسًا، بخلاف ما رفع به الحدث، فلم يلاق نجاسة فلم ينجس. ورُدَّ تخريجه للهادي بأنه إنما أراد بنجاسة الحائض والجنب نجاسة الخارج منهما؛ بدليل أنه لا خلاف في أن بدنهما طاهر.

  قلت: أو أراد بنجاستهما عدم طهارتهما من الحيض والجنابة تجوزًا، وإنما يقول أبو العباس بنجاسة مائها⁣(⁣٢) بعد انفصاله⁣(⁣٣) لا قبل الانفصال.

  ويوافق في أن عرق الحائض والجنب طاهر؛ واستدل لهذا القول بقوله ÷: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من جنابة»⁣(⁣٤) فسوى بينهما، وبأنه ÷ شبه الزكاة بغسالة أوساخ الناس، يعني في حديث تحريمها على بني هاشم⁣(⁣٥).


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).

(٢) في (ب): بنجاسة مائهما. وفي هامش الأصل: أي الغسلة الأولى.

(٣) في (ب، ج): بعد الانفصال.

(٤) الحديث بلفظه أخرجه أبود داود في سننه، كتاب الطهارة - باب البول في الماء الراكد ١/ ٥٦ رقم (٧٠)، والبيهقي في سننه، باب الدليل على أنه يأخذ لكل عضو ماء جديدا ولا يتطهر بالماء المستعمل ١/ ٢٣٨. وأخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الوضوء - باب البول في الماء الدائم ١/ ٩٤ رقم (٢٣٦) بلفظ: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه»، ومسلم في صحيحه، كتاب الطهارة - باب النهي عن البول في الماء الراكد ١/ ٢٣٥ رقم (٢٨٢)، والنسائي في سننه، كتاب الطهارة - باب الماء الدائم ١/ ٤٩ رقم (٥٨)، والترمذي في سننه، كتاب الطهارة - باب ما جاء في كراهية البول في الماء الراكد ١/ ١٠٠ رقم (٦٨) بلفظ: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يتوضأ منه». قال أبو عيسى: حسن صحيح.

(٥) روي أن النبي ÷ قال لبني عبد المطلب لما حرم الله عليهم الصدقة: «إن الله كره لكم غسالة أوساخ أيدي الناس» انظر: أصول الأحكام ١/ ٨ رقم (١٦)، وشرح التجريد ١/ ٦٦، وشفاء الأوام، باب ما يجوز التطهر به من المياه وما لا يجوز ١/ ١٤٣. وأخرج أبو داود في سننه، كتاب الخراج والأمارة والفيء - باب في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذي القربى ٣/ ٣٨٦ رقم (٢٩٨٥) في حديث طويل، وفيه: فقال لنا: «إن هذه الصدقة إنما هي أوساخ الناس، وأنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد». وأخرج النسائي كذلك، باب استعمال آل النبي ÷ على الصدقة ٥/ ١٠٥ رقم (٩٠٦٢)، ومسند أحمد بن حنبل ٦/ ١٦٥ رقم (١٧٥٢٧)، وصحيح ابن خزيمة، باب الزجر عن استعمال موالي النبي ÷ على الصدقة إذا طلبوا العمالة؛ إذ هم ممن لا تحل لهم الصدقة المفروضة ٤/ ٥٥ رقم (٢٣٤٢)، والطبراني في المعجم الكبير ٥/ ٥٤ رقم (٤٥٦٦)، ١١/ ٦٩ رقم (١١٠٧٠)، والبيهقي في سننه، باب الدليل على أن كل من حرم الصدقة من آله إذا كان من صلبية بني =