كتاب الطهارة
  قال الإمام المهدي: ولقد بالغ الإمام يحيى بن حمزة(١) في تضعيف هذا القول حتى قال: من ادعى إجماعًا على خلاف هذا لم يكن جزافا؛ لعدم تحرز السلف منه(٢).
  ورُدَّ ما استدلوا به من الحديث بأن العطف لا يقتضي المساواة في الحكم؛ إذ قد يعطف المستحب على المحظور، كقولك: لا تظلم أخاك ولا تؤاخذه بذنبه، ونحو ذلك. والخبر الثاني لا دلالة فيه.
  القول الرابع: أنه كالمغصوب يزيل النجس ولا يرفع حكم الحدث؛ لأن للماء قوتين: قوة رفع الحدث، وقوة إزالة النجس، زالت إحداهما باستعماله وبقيت الأخرى، وهذا قول المنصور بالله في المهذب، وأحد قولي أصحاب الشافعي. ذكره في مهذبهم(٣).
  ورُدَّ بأن ما لا يرفع الحدث لا يزيل النجس لضعفه.
  نعم، وظاهر كلام أهل المذهب أن المستعمل من الماء المشوب حكمًا إنما هو الجزء الملاقي لجسد المتوضئ أو(٤) المغتسل. ذكره الفقيه يحيى(٥).
  قيل: وفيما ذكره نظر؛ لأن الحال لو كانت كذلك لم يختلف العلماء في التطهر به؛ إذ ما هذا حاله لا ينفصل عن الجسد، وإن انفصل فيسير لا يتأتى به تطهير، والأولى التفصيل، و [هو](٦) أن يقال: إن كان التطهر بالماء بالدخول فيه فكما ذكر الفقيه يحيى، وقد ذكره المؤيد في الزيادات(٧) وإن لم يدخل فيه، فإن صب الماء على نفسه فالجميع
= هاشم، وإن لم يكن من أولاد من سماهم زيد بن أرقم ¥ ٢/ ١٤٩. وأخرجه ابن سعد مرسلا في الطبقات الكبرى ١/ ٣٩١ بلفظ: «يا بني عبد المطلب إن الصدقة أوساخ الناس فلا تأكلوها».
(١) في (ب): الإمام يحيى #.
(٢) انظر: البحر الزخار ١/ ٣٣، الانتصار ١/ ٢٨٤.
(٣) ينظر: شرح الأزهار ١/ ٥٧، والمهذب في فتاوى الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة ص ٢٢، وذكر فيه أن الماء المستعمل طاهر لا يتطهر به ولو بلغ قلتين، ولم يذكر أنه كالمغصوب، وكذلك في مهذب الشافعية ١/ ٥٠ لم يذكر أنه كالمغصوب، وذكر فيه أن له حكمين: حكم رفع الحدث، وإزالة النجس.
(٤) في (ج): والمغتسل.
(٥) ينظر: الانتصار ١/ ٢٧٨.
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ج).
(٧) الزيادات: كتاب في الفقه للإمام المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني، وهو مجلد، فيه مسائل علقها عنه بعض أصحابه، وفيه فتاوى غريبة ومسائل عجيبة، وعليه شروح وتعاليق عدة: منها: شرح القاضي أبي مضر، في مكتبة الأوقاف عدة نسخ بأرقام (١١٣٢ - ١١٣٥)، وفي الغربية برقم (١٣٠). انظر: مؤلفات الزيدية ٢/ ٨٢، وأعلام المؤلفين الزيدية ص ١٠١.