تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 330 - الجزء 1

  النوع السادس: بيع الجنس بجنسه مكيلين أو موزونين فإنه لا يجوز بيع أحدهما بالآخر إلا مع تيقن التساوي كما سيأتي⁣(⁣١).

  وهذه الأنواع جميعها هي الضرب الأول من الستة الأضرب المتقدم ذكرها.

  وأما الضربان اللذان يعتبر فيهما الاستصحاب وعدمه من المسائل الشرعية، فالأول منهما: وهو أكثر المسائل نحو أن تعلم طهارة ثوب أو غيره أو تعلم أن الدار أو غيرها ملك لشخص، أو أن زيدا أقرض عمرا أو نحو ذلك، ثم تغيب زمانا فإنه يجوز لك أن تستصحب العلم الأول وتعمل به، فتصلي في الثوب، وتشهد بالملك والقرض المذكورين، وإن جوزت خلاف ذلك ما لم يغلب على ظنك انتقالها عن الحكم الأول، ونظائر ذلك كثيرة.

  وأما الضرب الثاني: وهو الذي لا يجوز فيه العمل بمقتضى العلم الأول استصحابا للحال فذلك مسائل مخصوصة محصورة:

  منها: الاعتقاد والإخبار اللذان زال سببهما فيما يتغير حاله في العادة، مثل أن تعلم زيدًا في الدار حيًّا صحيحًا ثم تغيب عنه، فليس لك أن تعتقده في الدار حيا صحيحًا، ولا تخبر بذلك على القطع؛ لجواز تغير حاله عما عهدت.

  فأما ما جرت به عادة المسلمين من أن الإخبار بأن فلانًا في خير أو نحوه⁣(⁣٢) فإنه مشروط من جهة المعنى وإن لم ينطق به، وقد يحترز بعض الفضلاء فيقول: عهدي به في خير.

  ومنها: بيع الجنس بجنسه مكيلين أو موزونين، فإنك لا تعمل فيه بعلمك المتقدم بالتساوي؛ استصحابا للحال، بل لو اشتريت مكيلا أو موزونًا فكلته أو وزنته، ثم أردت أن تبيعه⁣(⁣٣) بجنسه بعد تخلل وقت أو حال تجوّز فيه النقصان أو الزيادة وجب عليك إعادة كيله أو وزنه ولم تستصحب الحال فيه.

  فأما لو شريته ثم أردت أن تبيعه في المجلس ولم يجر عليه حال يجوز معها التغير إلى زيادة أو نقصان لم يحتج إلى الإعادة.

  ومنها: التباس المحرم بنسوة محصورات فلا تحل له واحدة منهن، فلم يستصحب الحال في العمل بالعلم الحاصل قبل الالتباس.


(١) وذلك لعظم خطر الربا. انظر: شرح الأزهار ١/ ٦٦.

(٢) في (ب): ونحوه.

(٣) في (ب): ثم أردت بيعه.