كتاب الطهارة
  والمندوب لمن يخرج من المسجد إذا قدم رجله اليسرى في الخروج أن يضعها على نعله، ثم يقدم اليمنى في الانتعال؛ ليعمل بالمندوب في الأمرين.
  (واعتمادها) أي الاعتماد على الرجل اليسرى عند القعود لقضاء الحاجة. قيل: لأن ذلك أعون على خروج الخارج؛ إذ المعدة في الجانب الأيسر، وفي ذلك ما روي عن سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي(١) قال: علمنا رسول الله ÷ إذا أتينا الخلا أن نتوكأ على اليسار(٢). حكاه في الشفاء ومهذب الشافعية، وعزاه في التلخيص إلى الطبراني والبيهقي من طريق رجل من بني مدلج عن أبيه قال: مر بنا سراقة فذكره(٣). وقيل: إنما ندب اعتمادها، ورفع ما عدا أصابع اليمنى؛ ليكون مستعملا في هذا المحل لما يليق به، يعني ما تقدم نحوه في تقديم اليسرى دخولا من تكريم اليمنى بذلك. والله أعلم.
  (والاستتار حتى يهوي) هذا عاشر المندوبات، ويقال: يهوي(٤) بفتح الياء أو يَهْوِي هو نفسه، وبضمهما بمعنى يُهْوِي بمقعدته، والمراد أن لا يكشف ثوبه دفعة واحدة، بل شيئا فشيئا؛ محافظة على ستر العورة حسب الإمكان، ويسدله عند القيام كذلك لذلك، إلا أن يخشى التنجيس، وفي ذلك ما روي عن ابن عمر وأنس قالا: إن
= التيمن في الطهور. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي ١/ ٢٠٥ رقم (٤٢١)، باب التيمن في الطهور، و ٨/ ١٣٣ رقم (٥٠٥٩)، باب التيامن في الترجل، وسنن ابن ماجة ١/ ١٤١ رقم (٤٠١)، كتاب الطهارة وسننها - باب التيمن في الوضوء، ومسند أحمد بن حنبل ٩/ ٣٨٥ رقم (٢٤٦٨١)، والمعجم الكبير للطبراني ١٠/ ٣١٤ رقم (١٠٧٦٦)، ومسند أبي يعلى ٨/ ٢٦٣ رقم (٤٨٥١)، والبيهقي في شعب الإيمان ٥/ ١٧٩ رقم (٦٢٨٠)، فصل في الانتعال، والبيهقي في السنن ١/ ٨٦، كتاب الطهارة - باب السنة في البداءة باليمين قبل اليسار.
(١) سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي، الكناني، صحابي، أسلم بعد غزوة الطائف سنة ٨ هـ، وكان ينزل قديدا، يعد في أهل المدينة، ويقال: سكن مكة، له في كتب الحديث (١٩) حديثا، وكان شاعرا، روى عنه من الصحابة: ابن عباس، وجابر، ومن التابعين: سعيد بن المسيب، وابنه محمد بن سراقة. مات سنة ٢٤ هـ، وقيل: إنه مات بعد عثمان. انظر: أسد الغابة ٢/ ٤١٢ رقم (١٩٥٥)، والاستيعاب ٢/ ١٤٨ رقم (٩٢١)، والأعلام ٣/ ٨٠.
(٢) في (ب، ج): اليسرى.
(٣) شفاء الأوام ١/ ٣٨ باب آداب قضاء الحاجة، والمهذب ١/ ١٠٩، باب الاستطابة، وسنن البيهقي ١/ ٩٦، كتاب الطهارة - باب تغطية الرأس عند دخول الخلاء، ومجمع الزوائد ١/ ٢٠٦، باب كيف الجلوس للحاجة، وعزاه إلى الطبراني في الكبير، وقال: وفيه رجل لم يسم، ينظر: تلخيص الحبير ١/ ١٠٧ رقم (١٣٨).
(٤) في (ب): حتى يهوي.