تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 345 - الجزء 1

  الجاري؛ لأنه في معنى الراكد يستقذر بالبول⁣(⁣١) فيه، بل كراهته أشد لا في الكثير الجاري، لكن الأولى اجتنابه؛ تشريفا له.

  وأما القليل الراكد فالمختار تحريمه؛ لتنجيسه وتغرير غيره باستعماله. وقيل: يحرم في القليل مطلقا؛ لأن فيه إتلافًا عليه وعلى غيره.

  وأجيب عنه: بإمكان طهره بالكثرة. قيل: ونفي الكراهة في الكثير الجاري إذا كان ذلك بالنهار، فأما في الليل فيكره أيضًا؛ لما يقال من أن الماء بالليل للجن⁣(⁣٢)، والغائط كالبول فيما ذكر، بل هو أولى بالكراهة والتحريم؛ لأنه أقذر.

  ويلحق بذلك في الكراهة البول في المستحم؛ لحديث السنن: «لا يبولن أحدكم في مستحمه ثم يتوضأ فيه، فإن عامة الوسواس منه»⁣(⁣٣).

  المستحم: المغتسل، مأخوذ من الحميم، وهو الماء الحار⁣(⁣٤).

  قيل: إلا أن يكون للمستحم منفذ فلا يكره ذلك⁣(⁣٥)، وقيل: يكره مطلقًا؛ لبقاء أثره. وقيل: في ضبط ما يكره قضاء الحاجة [فيه] من المياه: يحرم في الماء حيث قصد


= وسننها - باب النهي عن البول في الماء الراكد، وصحيح ابن حبان ٤/ ٦٠ رقم (١٢٥٠)، باب ذكر الزجر عن أن يبول المرء في الماء الذي لا يجري إذا كان ذلك دون قلتين. والمعجم الأوسط للطبراني ٩/ ٩٩ رقم (٩٢٤٥)، ومصنف ابن أبي شيبة ١/ ١٣٠ رقم (١٥٠٠)، باب من كان يكره أن يبول في الماء الراكد، والبيهقي في السنن ١/ ٩٧، كتاب الطهارة - باب النهي عن البول في الماء الراكد، وتلخيص الحبير ١/ ١٠٣.

(١) في (ب): يستقذر البول.

(٢) انظر: العزيز شرح الوجيز ١/ ١٣٨.

(٣) أخرجه أبو داود في سننه ١/ ٢٩ رقم (٢٧)، كتاب الطهارة - باب البول في المستحم، والترمذي في سننه ١/ ٣٢ رقم (٢١)، كتاب الطهارة - باب ما جاء في كراهية البول في المغتسل. قال أبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث أشعث بن عبد الله، والنسائي في سننه ١/ ٣٤ رقم (٣٠٤)، كتاب الطهارة - باب كراهية البول في المغتسل، وأحمد بن حنبل في مسنده ٧/ ٣٤٥ رقم (٢٠٥٩٣)، والحاكم في المستدرك ١/ ١٨٥، كتاب الطهارة، باب لا يبولن أحدكم في مستحمه. وقال فيه: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، والطبراني في المعجم الاوسط ٣/ ٢٣٠ رقم (٣٠٠٥)، وعبد الرزاق في مصنفه ١/ ٢٥٥ رقم (٩٧٨)، باب البول في المغتسل، والبيهقي في السنن ١/ ٩٨، كتاب الطهارة - باب النهي عن البول في مغتسله أو متوضاه ثم يتطهر فيه كراهة أن يصيبه شيء من البول عند صب الماء.

(٤) انظر: كتاب جواهر الأخبار والآثار بهامش البحر الزخار ١/ ٤٧، ونيل الأوطار ١/ ١٠٥.

(٥) هذا القول للإمام يحيى بن حمزة. ينظر هامش شرح الأزهار ١/ ٧٣، وقد قيل: إن هذا القول لبعض الشافعية، فقالوا: إن محل الكراهة إذا لم يكن ثم منفذ ينفذ فيه البول والماء. انظر: الموسوعة الفقهية ٣٤/ ١٥.