كتاب الطهارة
  الجاري؛ لأنه في معنى الراكد يستقذر بالبول(١) فيه، بل كراهته أشد لا في الكثير الجاري، لكن الأولى اجتنابه؛ تشريفا له.
  وأما القليل الراكد فالمختار تحريمه؛ لتنجيسه وتغرير غيره باستعماله. وقيل: يحرم في القليل مطلقا؛ لأن فيه إتلافًا عليه وعلى غيره.
  وأجيب عنه: بإمكان طهره بالكثرة. قيل: ونفي الكراهة في الكثير الجاري إذا كان ذلك بالنهار، فأما في الليل فيكره أيضًا؛ لما يقال من أن الماء بالليل للجن(٢)، والغائط كالبول فيما ذكر، بل هو أولى بالكراهة والتحريم؛ لأنه أقذر.
  ويلحق بذلك في الكراهة البول في المستحم؛ لحديث السنن: «لا يبولن أحدكم في مستحمه ثم يتوضأ فيه، فإن عامة الوسواس منه»(٣).
  المستحم: المغتسل، مأخوذ من الحميم، وهو الماء الحار(٤).
  قيل: إلا أن يكون للمستحم منفذ فلا يكره ذلك(٥)، وقيل: يكره مطلقًا؛ لبقاء أثره. وقيل: في ضبط ما يكره قضاء الحاجة [فيه] من المياه: يحرم في الماء حيث قصد
= وسننها - باب النهي عن البول في الماء الراكد، وصحيح ابن حبان ٤/ ٦٠ رقم (١٢٥٠)، باب ذكر الزجر عن أن يبول المرء في الماء الذي لا يجري إذا كان ذلك دون قلتين. والمعجم الأوسط للطبراني ٩/ ٩٩ رقم (٩٢٤٥)، ومصنف ابن أبي شيبة ١/ ١٣٠ رقم (١٥٠٠)، باب من كان يكره أن يبول في الماء الراكد، والبيهقي في السنن ١/ ٩٧، كتاب الطهارة - باب النهي عن البول في الماء الراكد، وتلخيص الحبير ١/ ١٠٣.
(١) في (ب): يستقذر البول.
(٢) انظر: العزيز شرح الوجيز ١/ ١٣٨.
(٣) أخرجه أبو داود في سننه ١/ ٢٩ رقم (٢٧)، كتاب الطهارة - باب البول في المستحم، والترمذي في سننه ١/ ٣٢ رقم (٢١)، كتاب الطهارة - باب ما جاء في كراهية البول في المغتسل. قال أبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث أشعث بن عبد الله، والنسائي في سننه ١/ ٣٤ رقم (٣٠٤)، كتاب الطهارة - باب كراهية البول في المغتسل، وأحمد بن حنبل في مسنده ٧/ ٣٤٥ رقم (٢٠٥٩٣)، والحاكم في المستدرك ١/ ١٨٥، كتاب الطهارة، باب لا يبولن أحدكم في مستحمه. وقال فيه: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، والطبراني في المعجم الاوسط ٣/ ٢٣٠ رقم (٣٠٠٥)، وعبد الرزاق في مصنفه ١/ ٢٥٥ رقم (٩٧٨)، باب البول في المغتسل، والبيهقي في السنن ١/ ٩٨، كتاب الطهارة - باب النهي عن البول في مغتسله أو متوضاه ثم يتطهر فيه كراهة أن يصيبه شيء من البول عند صب الماء.
(٤) انظر: كتاب جواهر الأخبار والآثار بهامش البحر الزخار ١/ ٤٧، ونيل الأوطار ١/ ١٠٥.
(٥) هذا القول للإمام يحيى بن حمزة. ينظر هامش شرح الأزهار ١/ ٧٣، وقد قيل: إن هذا القول لبعض الشافعية، فقالوا: إن محل الكراهة إذا لم يكن ثم منفذ ينفذ فيه البول والماء. انظر: الموسوعة الفقهية ٣٤/ ١٥.