كتاب الطهارة
  فأما(١) حيث يقطع بحصول ذلك أو يغلب بظنه فيحرم بكل حال إلا لمضطر(٢). والله أعلم.
  مسألة: ويجوز قضاء الحاجة في موضع لا مالك له؛ إذ قد صار للمصالح، وكذا حيث عرف مالكه وغلب على الظن رضاه، فإن جهل هل له مالك أو لا، أو هل يرضى أو لا، عمل في ذلك بالعرف. قيل: ولا يجري العرف على يتيم ومسجد. قال في الغيث: وفيه نظر إن جرى العرف بالتسامح. انتهى.
  [يتلوه قوله](٣): (وجحر) هذا ثاني المكروهات، وهو الثقب المستدير في الأرض، وفي حكمه المستطيل، وإن كان يسمى سربا بفتحتين؛ وذلك لما رواه أحمد، وأبو داود وغيرهما أن النبي ÷ نهى أن يبال في الجحر. قيل لقتادة: وما يكره من البول في الجحر؟ قال: يقال إنها مساكن الجن. قال الحاكم على شرطهما(٤). وقيل: الوجه في كراهة ذلك تجويز أن يكون فيها من الحرشات ما يتأذى بذلك أو يؤذي الفاعل، وقصة سعد بن عبادة(٥) مشهورة(٦)، ولا يصح ما ينسب
(١) في (ب، ج): وأما.
(٢) في (ب): إلا المضطر.
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ب، ج).
(٤) مسند أحمد بن حنبل ٧/ ٣٩٥ رقم (٢٠٨٠١)، وأبو داود ١/ ٣٠ رقم (٢٩)، كتاب الطهارة - باب النهي عن البول في الجحر، والنسائي ١/ ٣٣ رقم (٣٤)، كتاب الطهارة - باب كراهية البول في الجحر، والبيهقي في السنن ١/ ٩٩، كتاب الطهارة - باب النهي عن البول في الثقب، وتلخيص الحبير ١/ ١٠٦ رقم (١٣٤)، والحاكم في المستدرك ١/ ١٨٦، كتاب الطهارة - باب النهي عن البول في الجحر. وقال: هذا حديث على شرط الشيخين، فقد احتجا بجميع رواته، ولعل متوهمًا يتوهم أن قتادة لم يذكر سماعه من عبد الله بن سرجس، وليس هذا بمستبدع، فقد سمع قتادة من جماعة من الصحابة ولم يسمع منهم عاصم بن سلميان الأحول، وقد احتج مسلم بحديث عاصم، عن عبد الله بن سرجس، وهو من ساكني البصرة.
(٥) سعد بن عبادة بن دليم بن أبي حليمة، الخزرجي، الأنصاري، سيد الخزرج، صاحب راية الأنصار في المشاهد كلها إلا بدرا، أحد نقباء الأنصار ليلة العقبة، كثير الصدقات والجود، تخلف عن بيعة أبي بكر، قتل بحوران من أعمال دمشق سنة ١٥ هـ تقريبًا، وقيل: بل مات سعد بن عبادة في خلافة أبي بكر سنة ١١ هـ. انظر: الاستيعاب ٢/ ١٦١ رقم (٩٤٩)، وأسد الغابة ٢/ ٤٤١ رقم (٢٠١٢)، والإصابة ٢/ ٢٧ رقم (٣١٧٣).
(٦) وهو أنه يروى أن سعد بن عبادة خرج إلى الشام، فسمع أهله هاتفا في داره يقول:
قتلنا سيد الخز ... رج سعد بن عباده
رميناه بسهمين ... فلم نخط فؤاده
ففزع أهله وتعرفوا خبره، وكان في تلك الليلة قد مات، وقيل: جلس يبول في جحر، فاستلقى ميتا. انظر: شرح الأزهار ١/ ٧٤. وقد أخرج الطبراني في المعجم الكبير ٦/ ١٦ رقم (٥٣٥٩) عن ابن سيرين، قال: بينا سعد =