كتاب الطهارة
  مالك عن النبي ÷ قال: «إذا أتى أحدكم الغائط فلا تستقبلوا القبلة، واتقوا مجالس اللعن: الظل، والماء، وقارعة الطريق، واستمخروا الريح، واستووا على سوقكم، وأعدوا النبل»(١). وحكى ابن أبي حاتم عن أبيه أن الأصح وقفه ... ثم قال - وفي الباب عن الحضرمي رفعه -: «إذا بال أحدكم فلا يستقبل الريح ببوله فترده عليه». رواه ابن قانع، وإسناده ضعيف جدًا(٢).
  (وتطميح(٣) به إلا لعذر به) أي بالبول، وهذا رابع المكروهات؛ والوجه ما مر آنفا. وأما مع الأمن من الترشش فلأنه عبث، ويشبه بالصبيان والحمقى. وقيل: بل لأن للهواء سكانًا من الجن والملائكة. وضعف بأنه لا بد من التهوية بالبول والغائط في أكثر الحشوش.
  وأجيب باحتمال أنهم يجتنبون تلك المواضع؛ لعلمهم بوضعها لذلك. والله أعلم.
  وحكي في الشفاء عن النبي ÷ نهى أن يطمح المرؤ ببوله في الهواء(٤).
  وفي التلخيص عن أبي هريرة قال: كان رسول الله ÷ يكره البول في الهواء(٥). رواه ابن عدي، وفي إسناده يوسف بن السفر(٦)، وهو ضعيف(٧).
= ٢٤١ هـ. قال عنه أبو يعلى الخليلي: أخذ أبو محمد علم أبيه وأبي زرعة، وكان بحرا في العلوم ومعرفة الرجال، صنف في الفقه، وفي اختلاف الصحابة والتابعين وعلماء الأمصار، وكان زاهدًا يعد من الأبدال، توفي سنة (٣٢٧ هـ). ينظر: سير أعلام النبلاء ١٣/ ٢٦٣ رقم (١٢٩).
(١) علل الحديث لابن أبي حاتم ١/ ٣٧، وأخرج الطبراني في المعجم الأوسط ٥/ ٢٣٩ رقم (٥١٩٨) بلفظ: عن سراقة بن مالك بن جعشم، أنه كان إذا جاء من عند رسول الله ÷ حدث قومه وعلمهم، فقال له رجل يوما وهو كأنه يلعب: ما بقي لسراقة الا أن يعلمكم كيف التغوط! فقال سراقة: إذا ذهبتم إلى الغائط فاتقوا المجالس على الظل، والطريق، خذوا النبل، واستنشبوا على سوقكم، واستجمروا وترا.
(٢) انظر: تلخيص الحبير ١/ ١٠٦ - ١٠٧ رقم (١٣٧). منقول بلفظه.
(٣) التطميح: العلو والارتفاع. طمح ببصره نحو الشيء يَطْمَحُ بفتحتين طموحًا استشرف له، وأصله قولهم: جبل طامح: أي عال مشرف. المصباح المنير ٢/ ٣٧٨.مادة: طمح.
(٤) شفاء الأوام ١/ ٣١ باب آداب قضاء الحاجة. وأخرج البيهقي في سننه ١/ ٩٨، كتاب الطهارة - باب النهي عن التخلي في طريق الناس وظلهم أن رسول الله ÷ كان يكره البول في الهواء.
(٥) الكامل في الضعفاء ٨/ ٤٩٨.
(٦) يوسف بن السفر كاتب الأوزاعي منكر الحديث كان يكذب تأريخ مدينة دمشق ٧٤/ ٢٤١.
(٧) تلخيص الحبير ١/ ١٠٧ رقم (١٣٧).