كتاب الطهارة
  وقوله أيده الله: "إلا لعذر" [قيل](١): وذلك بأن يكون المكان اللين بالبعد منه، فإن التطميح بالبول حينئذ لا يكره.
  (ككلام)، هذا خامس المكروهات. والمعنى أن الكلام حال قضاء الحاجة يكره، إلا لعذر فتزول الكراهة، بل قد يجب الكلام في بعض الأحوال، وإنما جاء المؤلف أيده الله تعالى بحرف(٢) التشبيه هنا وعطف عليه ما بعده إلى قوله: "وبعده الاستجمار"؛ ليدل على [أن](٣) الكراهة في هذه الأشياء تزول بحصول عذر يقتضي فعل أي هذه الأمور المكروهة كما سيأتي إن شاء الله تعالى قريبا؛ ووجه كراهة الكلام ما رواه أبو سعيد قال: سمعت رسول الله ÷ يقول: «لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتيهما يتحدثان، فإن الله تعالى يمقت على ذلك». أخرجه أبو داود(٤)، يقال: ذهب يضرب الغائط إذا ذهب لقضاء الحاجة؟ ذكره في نهاية الغريب(٥).
  ومعنى المقت من الله سبحانه: إعلام عباده بأن الفعل قبيح من فاعله يستحق عليه الذم والعقاب. هذا في الأصل، والإجماع على أن الكلام غير محرم في هذه الحال، أوجب صرف اللفظ عن أصل معناه، فعبر بالمقت هنا عن ترك الأحسن استعارة؛ لأن فاعل القبيح تارك للأحسن. هكذا في الغيث.
  قيل: فإن عطس حمد بقلبه، قيل: وقراءة(٦) القرآن حال قضاء الحاجة مكروه كسائر أنواع الكلام. وقيل: تحرم القراءة حال خروج الخارج، فأما قبله أو بعده فمحتمل، واللائق بالتعظيم المنع.
(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ب، ج).
(٢) في (ب): بخلاف التشبيه.
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(٤) أخرجه أبو داود ١/ ٢٢ رقم (١٥)، كتاب الطهارة - باب كراهية الكلام عند الحاجة، وابن ماجة ١/ ١٢٣ رقم (٣٤٢)، كتاب الطهارة وسننها - باب النهي عن الاجتماع على الخلاء والحديث عنده، بلفظ: «لا يتناجى اثنان على غائطهما ينظر كل واحد منهما إلى عورة صاحبه، فإن الله ø يمقت على ذلك»، والحاكم ١/ ١٥٧، كتاب الطهارة - باب نهي النبي ÷ المتغوطين أن يتحدثا، بلفظ: أن رسول الله ÷ نهى المتغوطين أن يتحدثا، وقال: «فإن الله يمقت على ذلك» والبيهقي ١/ ٩٩، كتاب الطهارة - باب كراهية الكلام عند الخلاء، وابن خزيمة ١/ ٣٩ رقم (٧١)، كتاب الطهارة - باب النهي عن المحادثة على الغائط
(٥) النهاية في غريب الحديث ١/ ٧٩.
(٦) في (ب): وقراءته القرآن.