كتاب الطهارة
  (ونظر إلى الفرج والأذى وبصقه) هذه هي السادس والسابع والثامن من المكروهات.
  أما نظر الفرج فقيل: إنه يقسي القلب، ويورث الغفلة.
  وأما نظر الأذى فلاستخباثة، قيل: ولأن النظر إليه يضعف البصر، كما أن رائحته تضعف القوة. وأما بصقه، فقيل: لأنه يورث الغثيان؛ ولأن فيه تشبهًا(١) بالسفهاء والحمقى.
  (واشتغال بغيره) أي بغير قضاء الحاجة وتوابعها، وهذا تاسع المكروهات، وقد دخل فيه الأكل والشرب بطريق الأولى؛ لأنه مع كونه اشتغالا بغير، ففيه منافاة لحال قضاء الحاجة؛ إذ هي حالة تستخبث، وحالة الأكل والشرب حالة التذاذ، وقد أشار الإمام المهدي # إلى وجه ما ذكره المؤلف أيده الله تعالى من كراهة الاشتغال بالغير، حيث قال: عندي أن كل فعل حال قضاء الحاجة ليس مما يحتاج إليه فيها، فإنه مكروه؛ لأن الحفظة في تلك الحال صارفون أبصارهم، فمهما صدر فعل ليس من توابع قضاء الحاجة آذن بالفراغ، فتلتفت الحفظة فيؤذيهم برؤية عورته. انتهى(٢).
  ومما يعد من المكروهات: إطالة القعود، ويروى فيه عن لقمان الحكيم أنه يورث وجع الكبد، ويحدث منه الباسور(٣). والله أعلم.
  (وانتفاع باليمين) هذا عاشر المكروهات، قيل: ومن جملة الانتفاع [باليمين](٤) تقريب الأحجار للاستجمار، والصحيح أن ذلك لا يكره؛ والأصل في كراهة الانتفاع باليمين نحو ما رواه أبو قتادة أن النبي ÷ قال: «إذا بال أحدكم فلا يمس ذكره بيمينه، وإذا أتى الخلاء فلا يتمسح بيمينه». أخرجه أبو داود، وللبخاري ومسلم والنسائي نحوه(٥).
(١) في (ب): تشبيهًا.
(٢) انظر: شرح الأزهار ١/ ٧٥.
(٣) انظر: الانتصار ١/ ٥٥٣. والباسُور: كالنَّاسُور أَعجمي داء معروف ويُجْمَعُ البَوَاسِيرَ. قال الجوهري: هي علة تحدث في المقعدة وفي داخل الأَنف أَيضاً، نسأَل الله العافية منها. انظر: لسان العرب ٤/ ٥٧، مادة: بسر.
(٤) ما بين المعقوفتين من (ب).
(٥) أخرجه أبو داود ١/ ٣١ رقم (٣١)، كتاب الطهارة - باب كراهية مس الذكر باليمين في الاستبراء، والبخاري ١/ ٦٩ رقم (١٥٢)، كتاب الوضوء - باب النهي عن الاستنجاء باليمين، بلفظ: «إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء، وإذا أتى الخلاء فلا يمس =