تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 356 - الجزء 1

  وحجة أهل القول الثاني: ظاهر أحاديث النهي، وحملوا أحاديث الإباحة على أنها كانت لعذر.

  وحجة أهل القول الثالث: أن أخبار الإباحة ناسخة لأخبار النهي، وهو قوي، حيث علم تأخرها عنها بوقت يمكن فيه امتثال النهي.

  وحجة أهل القول الرابع: أن أحاديث الإباحة وردت في العمران، فخص بها.

  قال في الغيث: وهذا ضعيف جدا؛ لأن ظاهر النهي الإطلاق، وفعله ÷ بخلافه في العمران لا يدفع ذلك الإطلاق مالم يصرح ÷ بذلك أو تقتضيه قرينة حال.

  وحجة أهل القول الخامس: حديث النهي عن الاستقبال خاصة، كما في حديث معقل [بن أبي معقل]⁣(⁣١) قال: نهى رسول الله ÷ أن نستقبل القبلتين ببول أو غائط. أخرجه أبو داود⁣(⁣٢)، ونحو حديث ابن عمر المتقدم.

  وفي الطراز⁣(⁣٣) ما لفظه: وأما أبو حنيفة فجعل هذه الأخبار خاصة للرسول ÷ فجاز⁣(⁣٤) له الاستقبال دون غيره، وأباح الاستدبار قياسا على التشريق والتغريب. وقال: إذا جازا جاز الاستدبار؛ لأنه أبلغ في الانصراف عن القبلة، ولعله لم يصح له النهي عن الاستدبار⁣(⁣٥).

  قال في الغيث: وأما بيت المقدس ففيه قولان:


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).

معقل بن أبي الهيثم الأسدي، ويقال: معقل بن أبي معقل، وأمه أم معقل، من بني أسد بن خزيمة، صحب النبي ÷، يعد في أهل المدينة، روى عنه أبو سلمة، وأبو زيد مولاه، وأم معقل، توفي أيام معاوية، ومن حديثه: عمرة في رمضان تعدل حجة». انظر: أسد الغابة ٥/ ٢٢٣ رقم (٥٠٣٧)، والتاريخ الكبير ٧/ ٣٩١ رقم (١٧٠٦)، والجرح والتعديل ٨/ ٢٨٥ رقم (١٣٠٧)، والاستيعاب ٣/ ٤٨٤ رقم (٢٤٩٢).

(٢) أبو داود ١/ ٢٠ رقم (١٠)، كتاب الطهارة - باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة، وابن ماجة ١/ ١١٥ رقم (٣١٩)، كتاب الطهارة وسننها - باب النهي عن استقبال القبلة بالغائط والبول. وقال: قيل: أبو زيد مجهول الحال، فالحديث ضعيف به. ومسند أحمد بن حنبل ٦/ ٢٥٤ رقم (١٧٨٥٥)، ومصنف ابن أبي شيبة ١/ ١٣٩ رقم (١٦٠٣)، باب في استقبال القبلة بالغائط والبول، وسنن البيهقي ١/ ٩١، كتاب الطهارة - باب النهي عن استقبال القبلة واستدبارها لغائط أو بول.

(٣) الطراز: لعله كتاب الطراز المًذْهَب في أحكام المذهب، للشهاب أحمد بن يوسف الشيرجي الشافعي (ت: ٨٦٢ هـ). ينظر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون ٣/ ١٢٥، وفي هامش بعض النسخ من شرح الأثمار نسبة للقاضي عبد الله بن حسن الدواري ولم أقف عليه.

(٤) في (ب، ج): فأجاز له.

(٥) شرح التجريد ١/ ١١٤، ١١٥، والانتصار ١/ ٥٤١ - ٥٤٢، وشرح فتح القدير ١/ ٣٦٦، والهداية ١/ ٦٥.