كتاب الطهارة
  وكذا طعام الجن كالعظم والروثة ولو من مأكول، والحمم؛ لورود النهي عن الاستجمار بها كما في رواية الترمذي عن ابن مسعود قال: قال رسول الله ÷: «لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام فإنه زاد إخوانكم من الجن»(١). وفي رواية أبي داود قال: لما قدم وفد الجن على رسول الله ÷ قالوا: يا رسول الله إِنْهَ أُمَّتَكَ أن يستنجوا بعظم أو روثة أو حممة فإن الله جعل لنا فيها رزقا، فنهى رسول الله ÷ عن ذلك(٢). وفي ذلك أحاديث أخر.
  (ويحرم ضدها ويجزئ غالبا) أي ويحرم الاستجمار بما لم تجتمع(٣) فيه القيود المذكورة؛ والمراد بكونه يجزئ الاستجمار بهذه أن الفاعل لذلك يكون خارجًا عن عهدة ما ورد الأمر به من هجر النجاسة وتنقيتها حسب الإمكان، وإن كان آثمًا باستعماله لما نهي عنه.
  واحترز بقوله: "غالبا" من المائع غير الماء فإن الاستنجاء(٤) به لا يجوز ولا يجزئ، ومما لا ينقي فإنه إن كان يبدد النجاسة لم يجز ولا يجزئ، وإن كان لا يبددها فهو جائز غير مجز.
  واحترز أيضًا من الماء الطاهر المطهر فإنه من أضداد الجامد، وهو جائز مجز. فاحترز
= الاستنجاء بلبه، وأما قشره فله أحوال: (أحدها) لا يؤكل رطبا ولا يابسا كالرمان فيجوز الاستنجاء بالقشر، وكذا استنجي برمانة فيها حبها جاز إذا كانت مزيلة. (والثاني) يؤكل قشره رطبا ويابسا كالبطيخ فلا يجوز رطبا ولا يابسا (والثالث) يؤكل رطبا لا يابسا كاللوز والباقلاء فيجوز بقشره يابسا لارطبا: وأما ما يأكله الآدميون والبهائم، فان كان أكل البهائم له أكثر جاز، وإن كان أكل الآدميين له أكثر لم يجز، وإن استويا فوجهان من اختلاف أصحابنا في ثبوت الربا فيه، هذا كلام الماوردى. وذكر الروياني نحوه. قال البغوي: إن استنجى بما مأكوله في جوفه كالجوز واللوز اليابس كره وأجزأه، فان انفصل القشر جاز الاستنجاء به بلا كراهة والله أعلم.
(١) أخرجه الترمذي ١/ ٢٩ رقم (١٨)، كتاب الطهارة - باب ما جاء في كراهية ما يستنجى به، والطبراني في المعجم الكبير ١٠/ ٧٧ رقم (١٠٠١٠)، وابن أبي شيبة في مصنفه ١/ ١٤٣ رقم (١٦٤٩)، باب ما كره أن يستنجى به ولم يرخص فيه، وصحيح ابن خزيمة ١/ ٤٤ رقم (٨٢)، باب ذكر العلة التي من أجلها زجر عن الاستنجاء بالعظام والروث، بلفظ: «لا تستنجوا بالعظم ولا بالبعر فإنه زاد إخوانكم من الجن، وصحيح ابن حبان ٤/ ٢٨٠ رقم (١٤٣٢)، باب ذكر العلة التي من أجله زجر عن الاستنجاء بالعظم والروث، وشرح معاني الآثار ١/ ١٢٤ رقم (٧٣٥)، كتاب الطهارة - باب الاستجمار بالعظام.
(٢) أخرجه أبو داود ١/ ٣٦ رقم (٣٩)، كتاب الطهارة - باب ما ينهى عنه أن يستنجى به، والبيهقي في السنن ١/ ١٠٩، كتاب الطهارة - باب الاستنجاء بما يقوم مقام الحجارة في الإنقاء دون ما نهي عنه الاستنجاء به.
(٣) في (ب): بما لم تجمع.
(٤) في (ب، ج): فإن الاستجمار.