تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

باب [آداب قضاء الحاجة]

صفحة 368 - الجزء 1

  بقوله: "غالبا" عن الصور الثلاث المذكورة من جهة المنطوق والمفهوم، ويلحق بذلك ما يعد استعماله سرفا كالذهب والحرير ونحوهما، فإنه يحرم الاستجمار بها، ويجزئ مع الإثم، وكذلك ما يضر لحره أو برده أو حدته.

  تنبيه: ظاهر كلام أهل المذهب أن الاستجمار بالحيوان أو بجزء منه لا يجزئ أيضًا، [كما لا يجوز]⁣(⁣١).

  وظاهر الأثمار خلاف ذلك إن لم يكن مما قصد الاحتراز عنه بقوله: "غالبا".

  وقد أورد الإمام المهدي على أهل المذهب سؤالا في فرقهم بين ما له حرمة، فقالوا: إنه لا يجوز ولا يجزئ، وبين المغصوب حيث قالوا: يجزئ ولا يجوز⁣(⁣٢)، وهو أن يقال: المقصود بالاستجمار إن كان هو تقليل النجاسة فالمعلوم أنه يحصل باستعمال ما له حرمة، كما يحصل باستعمال الأحجار، وإن كان المقصود بالاستجمار تأدية تعبد شرعي لزم أن لا يفرق بين المغصوب وما له حرمة في أنه لا يجزئ بأيهما؛ للنهي عنهما جميعا. هذا حاصل ما ذكره، ولعل المؤلف أيده الله تعالى ذهب إلى مثل ذلك والله أعلم. ويتصل بما سبق ذكره في هذا الباب فوائد:

الأولى: في حكم الاستجمار

  فالمذهب أنه مندوب⁣(⁣٣)، إلا حيث خشي⁣(⁣٤) تبدد النجاسة، أو كان متيممًا ولا يريد أن يستنجي بالماء كما تقدم.


(١) في (ب): ولا يجوز.

وذلك نحو ألاَّ يكون جزءاً من حيوان متصلاً به، وهذا نحو أن يستجمر بيده أو بيد الغير أو بذنب حمار أو عصفورة حية، فما هذا حاله لا يجوز له الاستجمار به لماله من الحرمة فأشبه العظم، وإن استجمر بقطعة من صوف نظرت فإن نتفها من حيوان بالقرب منه كره له ذلك لما فيه من إيلام الحيوان وإتعابه وإن حصلت في يده من غير إيلام للحيوان جاز ذلك؛ لأنها رافعة للنجاسة قالعة لأثرها فجاز بها كالحجر، ولا يجوز الاستجمار بجلد الميتة قبل الدبغ لكونه نجساً فأشبه الميتة والروثة، وإن دبغ لم يجز الاستجمار به عند أئمة العترة خلافاً للفقهاء فإنهم جوزوا ذلك لكونه طاهراً عندهم. انظر: الانتصار ١/ ٥٦٨، والبحر الزخار ١/ ٤٩.

(٢) انظر: شرح الأزهار ١/ ٧٨.

(٣) انظر: الانتصار ١/ ٥٥٧، والبحر الزخار ١/ ٤٨. وذهب الحنفية ورواية عن المالكية إلى أنه مسنون. انظر: اللباب في شرح الكتاب ١/ ٥٤، وشرح فتح القدير ١/ ١٨٧، وعيون المجالس ١/ ١٢٨، والكافي في الفقه على مذهب أهل المدينة ١/ ٢٦، ٢٧.

(٤) في (ب): إلا إذا خشي. وفي (ج): إلا حيث يخشى.