باب الوضوء
  وذهبت الظاهرية إلى وجوب التسمية على الذاكر والناسي(١)؛ للحديث الأول.
  وذهب الفريقان إلى أنها سنة فقط(٢). وضعفوا الحديثين المذكورين كليهما؛ واستدلوا على كونها سنة بما أخرجه النسائي عن أنس قال: طلب بعض أصحاب النبي ÷ وضوءًا فلم يجدوا، فقال ÷: «هل مع أحد منكم ماء»؟ فأتي بماء فوضع يده في الإناء الذي فيه الماء، ثم قال: «توضؤوا باسم الله» فرأيت الماء يفور من بين أصابعه ... الحديث(٣).
  قال في شرح الإرشاد: أي توضؤوا متبركين باسم الله، والتبرك باسم الله ظاهر في الإتيان بهذا اللفظ. وإنما لم يجب؛ لآية الوضوء المبينة لواجباته، كما دل عليه حديث أبي داود، والدارقطني: «لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله تعالى، فيغسل وجهه، ويديه إلى المرفقين، ويمسح رأسه، ورجليه إلى الكعبين»(٤). انتهى
  قال في الغيث: فإن ذكرها أوله وتركها لم يجزه، قال: لا إن نسيها حتى فرغ من وضوءه، فإن ذكرها فيه سمى حيث ذكر، فإن تركها عمدًا أعاد من حيث ذكر، فإن نسيها حتى فرغ بعد أن ذكرها في أثنائه وتركها عمدا ففيه إطلاقان وتفصيل:
  الإطلاق الأول: للناصر والمنصور @ أنه يجب أن يعود إلى حيث ذكر(٥).
  الثاني: للنجراني أنه يعود إلى آخر عضو، وهي الرجل اليسرى. وتأول كلام النجراني
(١) كما هو قول بعض أئمة الزيدية، وإسحاق، وإحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل، كما اختلفوا: هل هي فرض مطلقا أو على الذاكر؟ فالزيدية: على الذاكر، والظاهرية: مطلقا. ينظر: نيل الأوطار ١/ ١٦٥، والبحر الزخار ١/ ٥٨، والانتصار ١/ ٧٦٨، والمهذب في فتاوى الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة ص ٦، والكافي لابن قدامة ١/ ٢٤، والمغني ١/ ٨٤، ٨٥، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف ١/ ١٢٨، ١٢٥.
(٢) كما هو أحد قولي الهادي، وربيعة، ومالك. ينظر: البحر الزخار ١/ ٥٨، والأحكام في الحلال والحرام ١/ ٤٩، وعيون المجالس ١/ ٩٦، والأم ١/ ٩٩، وشرح فتح القدير ١/ ١٩، والهداية شرح بداية المبتدي ١/ ١٥.
(٣) أخرجه النسائي في سننه، كتاب الطهارة - باب التسمية في الوضوء ص ١٦ رقم (٨٧)، وأبو يعلى في مسنده ٧/ ٢٣٤ رقم (٤٢٣٨)، والبيهقي في سننه، كتاب الطهارة - باب التسمية في الوضوء ١/ ٨١ رقم (٨٤)، وأبو يعلى في مسنده ٧/ ٢٣٤ رقم (٤٢٣٨).
(٤) أخرجه البيهقي في سننه، كتاب الطهارة - باب التسمية على الوضوء ١/ ٤٤ رقم (١٩٨)، والدارقطني في سننه، كتاب الطهارة - باب وجوب غسل القدمين والعقبين ١/ ٩٥ رقم (٤)، وابن ماجة في سننه، كتاب الطهارة - باب ما جاء في الوضوء على ما أمر الله تعالى في الركوع والسجود ص ٧٠ رقم (٤٦٠)، والنسائي في سننه، كتاب الطهارة - باب الأمر بإسباغ الوضوء ص ٢٨ رقم (١٤١)، قال في نصب الراية ١/ ٧: حديث حسن، وينظر: تلخيص الحبير ١/ ٥٩.
(٥) ينظر: شرح الأزهار ١/ ٨١، والمهذب ص ٦، والبيان الشافي ١/ ٨٤.