كتاب الطهارة
  قلت: وقد ورد عن جماعة من الصحابة أنهم صبوا الماء على يدي رسول الله ÷ وهو يتوضأ(١).
  والتحقيق: أن المسنون هو أن يتولى المتوضئ غسل الأعضاء بنفسه، ويكره أن يتولى ذلك غيره إلا لعذر.
  وأما تقريب الماء وصبه على يد المتوضئ ونحو ذلك من دون مباشرة فلا كراهة في ذلك ولا منافاة؛ لما ذكر من أن السنة أن يتولاه بنفسه. والله أعلم.
  فأما(٢) المريض الذي عجز عن تولي الوضوء بنفسه مع تمكنه من النية فيوضئه أخوه المسلم وجوبا عليهما.
  وتجوز الأجرة؛ لأن أصل الوجوب على المريض كالختان.
  وعن القاضي زيد: لا تجوز الأجرة [كما في](٣) غسل الميت، وقيل: لا يجب أن يوضئه غيره؛ لما فيه من الحرج، ومثله رواه النجري عن الإمام المهدي.
  ويُنَجِّيهِ منكوحه، ثم جنسه بخرقة على يده؛ لئلا يباشر عورته، كما سيأتي في قوله أيده الله: (وتجديده بعد كل مباح) هذه [هي السنة](٤) التاسعة من السنن المختصة بالوضوء، وهي آخرها، وذلك مستحب بالإجماع لكل صلاة؛ واستدل على ذلك بقوله ÷: «الوضوء على الوضوء نور على نور». حكاه في الشفاء(٥) وغيره.
  وقال الحافظ عبد العظيم المنذري: لا يحضرني له أصل من حديث النبي ÷، ولعله من كلام بعض السلف(٦).
(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الوضوء - باب الرجل يوضئ صاحبه ص ٤٥ رقم (١٨١).
(٢) في (ب): وأما.
(٣) في الأصل: كعلى.
(٤) ما بين المعقوفتين من (ب، ج).
(٥) شفاء الأوام ١/ ٧١. وقال العجلوني في كشف الخفاء ٢/ ٣٣٦ رقم (٢٨٩٨): ذكره في الإحياء، وقال مخرجه العراقي: لم أقف عليه، وسبقه لذلك المنذري. وقال الحافظ ابن حجر: حديث ضعيف، ورواه رزين في مسنده. اهـ.
(٦) الترغيب والترهيب من الحديث الشريف، للإمام الحافظ زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي المنذري (ت: ٦٥٦ هـ) - دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان - ط ١ (١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م) ١/ ١٦٣ رقم (٥)، باب الترغيب في المحافظة على الوضوء وتجديده.