القسم الأول: القسم الدراسي
  وَلاَ يَنَامُ وَعَيْنُ الدَّهْرِ سَاهِرَةٌ ... فِي شَأْنِهِ وَهُوَ سَاهٍ غَيْرُ مُحْتَفِل
  وَلاَ يَصُدُّ عَنِ التَّقْوَى بِصِيرَتَهُ ... فَإِنَّهَا لِلمُعَادِي أَوْضَحُ السُّبُل
  مَنْ لَمْ تَكُنْ حُلَلُ التَّقْوَى مَلاَبِسَهُ ... عَارٍ وَإِنْ كَانَ مَعْمُورًا مِنَ الحُلَل
  مَنْ لَمْ تُفِدْهُ صُرُوفُ الدَّهْرِ تَجْرِبَةً ... فَيمَا يُحَاوِلُ فَلْيَرْعَى مَعَ الهَمَل
  مَنْ سَالَمَتْهُ اللَّيَالِي فَلْيَثِقْ عَجِلاً ... مِنْهَا بِحَرْبِ عَدُوٍّ غَيْرِ ذِى مَهَل
  مَنْ كَانَ هِمَّتُهُ وَالشَّمْسُ فِي قَرَنٍ ... كَانَتْ مَنِيَّتُهُ فِي دَارَةِ الحَمَل
  مَنْ ضَيَّعَ الْحَزْمَ لَمْ يَظْفَرْ بِحَاجَتِهِ ... وَمَنْ رَمَى بِسِهَامِ العَجْزِ لَمْ يَنَل
  مَنْ جَالَسِ الغَاغَةَ النَّوْكَا جَنَى نَدَمًا ... لِنَفْسِهِ وَرُمِى بِالْحَادِثِ الجَلَل
  مَنْ جَادَ سَادَ وَأَضْحَى العَالَمُونَ لَهُ ... رِقًّا وَحَالَةَ جَعْدِ الكَفِّ لَمْ تَحُل
  مَنْ لَمْ يَصُنْ عُرْضَهُ سَاءَتْ خَلِيقَتَهُ ... وَكُلُّ طَبْعٍ لَئِيمٍ غَيْرِ مُنْتَقِل
  مَنْ رَامَ نَيْلَ العُلاَ بِالْمَالِ يَجْمَعُهُ ... مِنْ غَيْرِ حِلٍّ بَلَى مِنْ جَهْلِهِ وَبِلِي
  مَنْ هَاشَ عَاشَ وَخَيْرُ العَيْشِ أَشْرَفُهُ ... وَشَرُّهُ عَيْش أَهْلِ الجُبْنِ وَالبُخْل
  عَاجَبْتُ(١) أَيَّامَ دَهْرِى شِدَّةً وَرَخَا ... وَبُؤْتُ فِيهَا بِإِثْقَالٍ عَلَيَّ وَلِي
  وَخُضْتُ فِي كُلِّ وَادٍ مِنْ مَسَالِكِهَا ... بِلاَ تَوَانٍ وَلاَ عَجْزٍ وَلاَ كَسَل
  طَوْرًا مُقِيمًا مُقَامَ الدُّرِّ فِي صَدَفٍ ... وَتَارَةً فِي ظُهُورِ الأَيْنُقِ الذُّلَل
  بِالشَّرْقِ يَوْمًا وَيَوْمًا فِي مَغَارِبِهَا ... وَالغورُ يَوْمًا وَيَوْمًا في ذُرَى القُلَل
  وَتَارَّةً بَيْنَ أَحْبَارٍ جَهَابِذَةٍ ... وَتَارَّةً أَصْحَبُ الغَوْغَاءَ فِي زَجَل
  وَتَارَّةً عِنْدَ أَمْلاَكِ غَطَارِفَةٍ ... شُمِّ العَرَانِينَ بَيْنَ الخَيْلِ وَالخَوَل
  هَذَا وَلَمْ يَرْضَ لِي حَالٌ وَقَعْتُ بِهِ ... إِلاَّ وُثِقْتُ بِحَبْلٍ غَيْرِ مُنْفَصِل
  وَلَمْ يَلُذْ لِعَيْنِي مَنْظَرٌ أَبَدًا ... وَلَمْ أَزَلَ وَبَنَاتُ الدَّهْرِ فِي جَدَل
  وَلاَ أُيَمِّمُ بَحْرًا جَاشَ غَارِبُهُ ... إِلاَّ وَجَدْتُ سَرَاباً أَوْ جَرَى وَشَل
  حَتَّى إِذَا لَمْ أَدَعْ لِي فِي الثَّرَى وَطَنًا ... أَقْصَرْتُ مِنْ غَيْرِ لاَ وَهَنٍ وَلاَ مَلَل
(١) ويروى: وعاجيت.