باب الوضوء
  وقوله: "مطلقا" يعني سواء كان ذلك [الخارج](١) [معتادًا كالبول والغائط والريح من الدبر، أو كان الخارج](٢) نادرًا كالحصاة والدودة ونحوهما؛ خلافا للقاسم إذا خرجت من غير بلة، أُخِذَ له ذلك من مفهوم قوله: إنها تنقض؛ لأنها لا تخرج إلا ببلة، وكذا لو أدخل شيئا في فرجه ثم أخرجه من غير بلة لم ينقض عند القاسم(٣).
  وكذا لو أخرجت(٤) الدودة رأسها ثم رجعت فإن الظاهر من إطلاق أهل المذهب أن ذلك ينقض؛ لأنه خارج من السبيلين(٥).
  نعم: أما المعتاد فكونه ناقضا معلوم من الدين ضرورة، فلا حاجة إلى الاستدلال عليه. وأما غير المعتاد فملحق بالمعتاد في كونه ناقضًا عند الأكثر(٦)، خلافا لربيعة في النادر(٧). قال: لأن الندرة كالعدم، وعن مالك مثله(٨) إلا الاستحاضة؛ لأن النبي ÷ أمر المستحاضة بالوضوء لكل صلاة(٩).
  قلنا: الندرة لا تخصص العموم، وقد قال ÷: «الوضوء مما خرج من السبيلين». حكاه في أصول الأحكام(١٠) ونسبه في التلخيص إلى
(١) ما بين المعقوفتين من (ب، ج).
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(٣) ينظر: شرح الأزهار ١/ ٩٥، والبيان الشافي ١/ ١٠٢.
(٤) في (ج): وكذا لو خرجت.
(٥) شرح الأزهار ١/ ٩٥، ٩٦.
(٦) وهم الزيدية، والحنفية، والشافعية، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وسفيان الثوري. ينظر: البحر الزخار ١/ ٨٦، والانتصار ١/ ٨٥٧، ومختصر الطحاوي ص ١٨، والأوسط ١/ ١٩٠، والأم ١/ ٨٢، والمغني ١/ ١٦٠، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف ١/ ١٩٥.
(٧) ينظر: الانتصار ١/ ٨٥٨، والبحر الزخار ١/ ٨٦.
(٨) ينظر: الكافي لابن عبد البر ١/ ١٣، وعيون المجالس ١/ ١٣٤.
(٩) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط ٢/ ١٦٧ رقم (١٥٩٧)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ١/ ٢٨١، باب ما جاء في الحيض والمستحاضة: رجال الأوسط فيهم عبد الله بن عقيل وهو مختلف في الاحتجاج به، وقال في تلخيص الحبير ١/ ١٦٩: إسناده ضعيف.
(١٠) أصول الأحكام ١/ ٤٠، وأخرجه البيهقي في سننه، كتاب الطهارة - باب المستحاضة تغسل عنها أثر الدم وتغتسل وتستذفر بثوب وتصلي ثم تتوضا لكل صلاة ١/ ٣٤٧، وعبد الرزاق في مصنفه ١/ ١٦٨ رقم (٦٥٣)، وأخرجه في فيض القدير ٦/ ٣٧٥، لعبد الرؤوف المناوي - المكتبة التجارية الكبرى - مصر - ط ١ (١٣٥٦ م).