تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 444 - الجزء 1

  وعن أبي العباس: أن الخارج مع الريق لا ينقض⁣(⁣١)؛ إذ لا يعلم كونه من موضع واحد؛ والأصل الطهارة، ويفهم منه أنه لو علم أنه من موضع واحد، كلو غرز بإبرة، نقض، وذلك ظاهر، ويعلم كونه في وقت واحد باتصاله. والله أعلم.

  وحكم الخارج مع فضلة الأنف حكم الخارج مع الريق فيما ذكر.

  تنبيه: ظاهر كلام أهل المذهب في الدم أنه لا ينقض [منه]⁣(⁣٢) إلا ما جمع القيود المذكورة من أي موضع خرج، وما لم يجمعها لم ينقض من أي موضع خرج، وهذا بناءً على أن العبرة بالخارج لا بالمخرج. واختاره الإمام يحيى⁣(⁣٣). وقيل: بل العبرة بالمخرج فينقض ما خرج من السبيلين وإن كان دون قطرة، وهو مقتضى إطلاق أهل المذهب في الخارج من السبيلين⁣(⁣٤). ذكر معنى ذلك في الغيث.

  وذهب الناصر، ومالك، والشافعي، وجماعة من الصحابة⁣(⁣٥) والتابعين⁣(⁣٦) إلى أن الدم غير ناقض للوضوء⁣(⁣٧)؛ لما رواه أنس أن النبي ÷ احتجم وصلى ولم يتوضأ ولم يزد على غسل محاجمه⁣(⁣٨)، نسبه في التلخيص إلى


(١) ينظر: الانتصار ١/ ٨٧٢ وفيه: وهذا هو الذي ذكره السيد أبو العباس، فإنه قال: ومن بصق مختلطا بالدم فليس فيه ولا في شبهه وضوء؛ ووجه ذلك أن الطهارة متحققة بيقين، وما عرض مشكوك فلا يجوز نقض الطهارة بما هذه حاله، فلهذا كان معفوا عنه. وينظر: البحر الزخار ١/ ٨٧.

(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).

(٣) ينظر: الانتصار ١/ ٨٦٨.

(٤) في (ب، ج): السبيل.

ينظر: الانتصار ١/ ٨٦٨ وقد ذكر فيه: فإن خرج من موضع الحدث فهو ناقض، وإن خرج من سائر البدن فليس ناقضًا، وقد قررنا الحجة على كونه ناقضًا، ولا يفترق الحال في ذلك بين أن يكون خارجا أو مخرجا في كونه ناقضًا للطهارة؛ لأن الأدلة لم تفصل في ذلك.

(٥) وهم: ابن عمر، وابن عباس، وابن أبي أوفى، وأبو هريرة. ينظر: الانتصار ١/ ٨٦٦، والمغني ١/ ١٧٥، ومصنف عبد الرزاق ١/ ١٤٥ - ١٤٦، ومصنف ابن أبي شيبة ١/ ٤٧.

(٦) وهم: جابر بن زيد، وسعيد بن المسيب، ومكحول. ينظر: الانتصار ١/ ٨٦٦، والبحر الزخار ١/ ٨٧.

(٧) كما هو قول ربيعة، والحسن البصري، وداود الظاهري. ينظر: الانتصار ١/ ٨٦٦، والبحر الزخار ١/ ٨٧، وعيون المجالس ١/ ١٤٦، ١٤٧ وقال فيه: وما خرج من بدن الإنسان من غير السبيلين مثل القيء والرعاف أو دم فصاد أو دمل فلا وضوء فيه، كما لا وضوء في الجشأ المتغير، والقهقهة، وما أشبه ذلك. وينظر: المدونة ١/ ١٢٠، والمهذب ١/ ١٠١، والأم ١/ ٨٣ وفيه: وكذلك إذا رعف غسل ما ماس من الدم من أنفه وغيره، ولا يجزيه غير ذلك، ولم يكن عليه وضوء، وهكذا إذا خرج من جسده دم أو قيح أو غير ذلك من النجس. وينظر: المحلى بالآثار ١/ ٢٣٥، والمغني ١/ ١٧٥.

(٨) أخرجه الدارقطني في سننه، كتاب الطهارة - باب في الوضوء في الخارج من البدن كالرعاف والقيء =