باب الوضوء
  ما سيأتي ذكره إلى آخر الفصل، وهذا هو المصحح للمذهب كما نص عليه القاسم والهادي، وهو المروي عن الناصر، وهذا فيما علمنا كونه معصية كبيرة بدليل قاطع(١).
  وأما مالم نعلم كبره من المعاصي بدليل قاطع فليس بناقض، إلا ما سنذكره لدليل(٢) خاص.
  وذهب زيد بن علي والفقهاء(٣)، وهو أحد قولي المؤيد إلى أن الوضوء لا ينتقض بشيء من المعاصي إلا ما كان ناقضًا بنفسه كالزنا(٤).
  واختلف علماء الكلام فيما تعرف به الكبيرة. فالمحكي عن أهل البيت $ أن الكبيرة ما ورد الوعيد عليها بخصوصها(٥).
  وقال أكثر المعتزلة: ما ورد الوعيد عليها مع الحد(٦)، أو لفظ يفيد الكبر كالعظم ونحوه. وتحقيق ذلك في الكتب الكلامية.
  والدليل على كون(٧) الكبيرة ناقضة أنها محبطة للثواب وموجبة للخلود في العذاب. قيل: وفي هذا الاستدلال نظر.
  وأما الإصرار - وهو الامتناع من التوبة وإن لم يعزم على معاودة المعصية على الأصح - فهو غير ناقض للوضوء وإن كان كبيرة؛ إذ لم يؤثر عن السلف الأمر للفسقة بقضاء صلواتهم(٨).
(١) كما قال به عطاء، والحسن بن صالح، وجابر بن زيد، وأبو موسى، وعبيدة السلماني، وجعفر الصادق. ينظر: الأحكام ١/ ٥٤، وشرح التجريد ١/ ١٦٧، والانتصار ١/ ٨٩٠، وشرح الأزهار ١/ ٩٨، والبحر الزخار ١/ ٨٩، ٩٠، والناصريات ص ١٣٦، ومصنف ابن أبي شيبة ١/ ١٢٥، والأوسط ١/ ٢٣٢.
(٢) في (ب، ج): بدليل خاص.
(٣) أبو حنيفة وأصحابه، والشافعي وأصحابه، وغيرهم من علماء الأمة. ينظر: الانتصار ١/ ٨٩٠.
(٤) الانتصار ١/ ٨٩٠، والبحر الزخار ١/ ٩٠، وشرح الأزهار ١/ ٩٨، والمهذب ١/ ١٠٢، والمغني ١/ ١٦٨، والمحلى بالآثار ١/ ٢٣٥.
(٥) ينظر: شرح الأزهار ١/ ٩٩، والروض النضير شرح مجموع الفقه الكبير، تأليف: القاضي العلامة شرف الدين الحسين بن أحمد السياغي (ت: ١٢٢١ هـ) - مكتبة المؤيد - الطائف - المملكة العربية السعودية - ط ٢ (١٣٨٨ هـ - ١٩٦٨ م) ٢/ ١٠٣. وينظر: الأساس ٢/ ٢٣٧، وفيه: فالكبائر ما يستحق فاعلها العقاب الدائم له إن لم يتب.
(٦) ينظر: شرح الأزهار ١/ ٩٩، والروض النضير ١/ ١٠٣.
(٧) في (ب): والدليل على أن الكبيرة.
(٨) وهو قول أكثر أئمة الزيدية والفقهاء. ينظر: الانتصار ١/ ٨٩٩، والبحر الزخار ١/ ٨٩، ٩٠، وشرح الأزهار ١/ ٩٩.