تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

باب الوضوء

صفحة 448 - الجزء 1

  وعن عائشة قالت: يتوضأ أحدكم من الطعام الطيب ولا يتوضأ من الكلمة العوراء⁣(⁣١)؟ حكى هذين الأثرين في مهذب الشافعية⁣(⁣٢).

  وحكي في أصول الأحكام أن شيخا من الأنصار كان يمر بمجلس لهم فيقول: أعيدوا الوضوء؛ فإن بعض ما تقولون شر من الحدث⁣(⁣٣).

  وفي مهذب الشافعية عن ابن عباس أنه قال: الحدث حدثان: حدث الفرج، وحدث اللسان، وأشدهما حدث اللسان⁣(⁣٤).

  قلت: وقد دخلت النميمة فيما اقتضته هذه الأخبار والآثار بقياس الأولى، وإن لم يصرح بذكرها، والله أعلم.

  تنبيه: أما الكذب: فهو ا لإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه، سواء طابق اعتقاد المخبر أم لا على الصحيح، لكنه لا ينقض إلا إذا⁣(⁣٥) تعمده المخبر.

  وأما النميمة فقيل: هي أن تسمع من شخص كلامًا يكرهه غيره فترفعه إلى ذلك الغير لإيقاع الشحناء بينهما.

  وقيل: هي إظهار كلام أمرك من أو دعكه بكتمه، وسواء كان يتعلق بالغير أم لا. وفي هذا القول مناسبة للمعنى اللغوي؛ لأنها مشتقة من نم ينم إذا ظهر وارتفع⁣(⁣٦)، ومنه سمي الزجاج نماما؛ لما كان يظهر للناظر ما في باطنه، وما أحسن قول الشاعر⁣(⁣٧) في صديق غير صادق:


= عبد الرزاق، باب الوضوء من الكلام ١/ ١٢٧ رقم (٤٦٩)، والطبراني في المعجم الكبير ٩/ ٢٤٨ رقم (٩٢٢٢)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، باب ترك الوضوء مما مست النار ١/ ٢٥٤: رجاله موثقون. والديلمي في مسند الفردوس بمأثور الخطاب ٥/ ١٧٢ رقم (٧٨٦٢).

(١) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، باب الوضوء من الكلام ١/ ١٢٧ رقم (٤٧٠).

(٢) ينظر: المهذب ١/ ١٠٢. واستدل بهما على أنه يستحب أن يتوضا من الضحك في الصلاة، ومن الكلام القبيح.

(٣) أصول الأحكام ١/ ٤١ رقم (١٣٤)، وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان، فصل فيما ورد من الأخبار في التشديد على من اقترض من عرض أخيه المسلم شيئا بسبب أو غيره ٥/ ٣٠٢ رقم (٦٧٢٥)، ومصنف ابن أبي شيبة ١/ ١٢٥ رقم (١٤٢٧).

(٤) المهذب ١/ ١٠٢، وأخرجه الديلمي في مسند الفردوس بمأثور الخطاب ٢/ ١٦٠ رقم (٢٨١٤).

(٥) في (ب، ج): إلا ما تعمده.

(٦) ينظر: لسان العرب ١٢/ ٥٩٢، مادة: نمم.

(٧) وهو السري بن أحمد بن السري الكندي، شاعر أديب من أهل الموصل (ت: ٣٦٦ هـ). قال هذه الأبيات يعاتب صديقا =