تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 450 - الجزء 1

  الثالث: التفصيل، وهو المذهب⁣(⁣١)، وقد ورد في القهقهة أخبار منها: ما رواه أبو العالية⁣(⁣٢) أن رسول الله ÷ كان يصلي وخلفه أصحابه، فجاء رجل أعمى وثمة بئر على رأسها خصفة⁣(⁣٣)، فتردى فيها، فضحك القوم، فأمر رسول الله ÷ مَنْ ضحك بأن يعيد الوضوء ويعيد الصلاة. حكاه في أصول الأحكام والشفاء⁣(⁣٤)، وبه احتج أبو حنيفة على أن القهقهة في الصلاة تنقض مطلقا⁣(⁣٥)؛ لأن ظاهر الخبر الإطلاق، ولكنه معارض بما حكاه في الشفاء من حديث جابر أن النبي ÷ قال: «الضحك ينقض الصلاة ولا ينقض الوضوء»⁣(⁣٦). ورواه الدارقطني⁣(⁣٧)، فحمل أهل المذهب حديث الأعمى - إن صح - على المتعمد، وحديث جابر على غير المتعمد؛ جمعا بين الأخبار. وفي التلخيص ما لفظه: وروى ابن عدي عن أحمد أنه قال: ليس في الضحك حديث صحيح، وحديث الأعمى الذي وقع في البئر مداره على أبي العالية، وقد اضطرب عليه فيه، انتهى⁣(⁣٨).

  تنبيه: قد أسقط المؤلف أيده الله مما عده في الأزهار من النواقض "التقاء الختانين"⁣(⁣٩)؛ لأنه موجب للغسل، فلا معنى لعده في نواقض الوضوء؛ إذا لا يلتقي الختانان إلا مع تواري الحشفة، وقد علم أن كل ما أوجب الغسل نقض على المذهب⁣(⁣١٠).


(١) وهو أن القهقهة إذا كانت عمدا تنقض الوضوء، وإذا كانت غير متعمدة لا تنقضه. ينظر: الانتصار ١/ ٩٠٥، وشرح التجريد ١/ ١٨١، والبحر الزخار ١/ ٩١، وشرح الأزهار ١/ ١٠١. كما ورد في شرح الأزهار قول للسيد يحيى: أنها تنقض الوضوء إذا كانت في فريضة، أما النافلة إذا قهقه فيها لا تنقض وضوءه.

(٢) أبو العالية: هو رفيع بن مهران الرياحي البصري، مقرئ، وحافظ، ومفسر، أدرك الجاهلية، وأسلم بعد وفاة النبي ÷ توفي سنة ٩٠ هـ، وقيل: ٩٣ هـ، وقيل: ١٠٦ هـ، وقيل: ١١١ هـ. روى له الجماعة. ينظر: تهذيب الكمال ٩/ ٢١٨ رقم (١٩٢٢)، وسير أعلام النبلاء ٤/ ٢٠٧ رقم (٨٥).

(٣) الخصفة: هي الحُلَّة التي يكنز فيها التمر، وهي حلة منسوجة من الخُوص سعف التمر. ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر ٢/ ٣٧.

(٤) أصول الأحكام ١/ ٤٦ رقم (١٤٩)، وشفاء الأوام ١/ ٧٨، باب نواقض الوضوء، وأخرجه الدارقطني في سننه، كتاب الطهارة - باب أحاديث القهقهة في الصلاة وعللها ١/ ١٦٧ رقم (٢٤).

(٥) ينظر: كتاب الآثار لمحمد بن الحسن الشيباني ١/ ٤٢١.

(٦) شفاء الأوام ١/ ٧٨، باب نواقض الوضوء.

(٧) سنن الدارقطني، كتاب الطهارة - باب أحاديث القهقهة في الصلاة وعللها ١/ ١٦٧ رقم (٢٤). ينظر: تلخيص الحبير ١/ ١١٥ رقم (١٥٣)، وقال: حديث منكر، وقال في الدراية في أحاديث الهداية ١/ ٣٥: إسناده ضعيف.

(٨) ينظر: تلخيص الحبير ١/ ١١٥، والعلل المتناهية في الأحاديث الواهية ١/ ٣٦٧.

(٩) الأزهار ص ٢٢.

(١٠) ينظر: البحر الزخار ١/ ٩١، وشرح الأزهار ١/ ٨٩.