والشافعي والإمام يحيى أنه يجب ولو تيقن عدم الشهوة⁣^(⁣١)، ويأتي على أصل المؤيد بالله في العمل بالظن في الطهارات أنه يوجب الغسل بظنهما، وكلام أهل المذهب مبني على أن السبب الموجب للغسل هو خروج المني، والشهوة شرط فقط، فلذلك اعتبروا تيقن السبب، وهو الإمناء، واكتفوا في الشرط، وهو الشهوة، بحصول الظن؛ لأن الشرط أخف حكما؛ بدليل أنه اعتبر في شهود الزنا أن يكونوا أربعة رجال، واكتفي في شهود الإحصان برجلين أو رجل وامرأتين. ذكر معنى ذلك في الغيث.

  واستدل أهل المذهب على اشتراط الشهوة بما في حديث علي الذي تقدم ذكره في رواية أصول الأحكام وغيره، حيث قال فيه: والمني: «الماء الدافق إذا وقع مع الشهوة أوجب الغسل»⁣^(⁣٢)؛ واحتج من لا يعتبر الشهوة⁣^(⁣٣) بقوله ÷: «الماء من الماء»⁣^(⁣٤). أخرجه النسائي من حديث أبي أيوب، [وأخرج مسلم نحوه]⁣^(⁣٥) من حديث أبي سعيد، وبقوله ÷ في رواية الستة لحديث علي المتقدم حيث قال فيه: «فإذا فضخت⁣^(⁣٦) الماء فاغتسل» اللفظ لأبي داود⁣^(⁣٧). قالوا: ولم يذكر الشهوة.

(١) ينظر: التحرير ١/ ٥٢، والمجموع ٢/ ١٥٣، والانتصار ٢/ ١٨.

(٢) أصول الأحكام ١/ ٣٨ رقم (١٢٣)، وقد سبق تخريجه ص ٥٧٠.

(٣) وهم الشافعي، وأبو حنيفة، وأبو العباس الحسني، والإمام يحيى بن حمزة. ينظر: الأم ١/ ١٥١، والتحرير ١/ ٥٢، والانتصار ٢/ ٩.

(٤) أخرجه النسائي في سننه، كتاب الطهارة - باب الذي يحتلم ولا يرى الماء ص ٣٧ رقم (١٩٩)، ومسلم في صحيحه، كتاب الطهارة - باب إنما الماء من الماء ص ١٨٦ رقم (٣٤٣)، وأبو داود في سننه، كتاب الطهارة - باب في الاكسال ص ٥٣ رقم (٢١٦)، وابن ماجة في سننه، كتاب أبواب التيمم - باب الماء من الماء ص ٩١ رقم (٦٠٧)، والترمذي في سننه، كتاب أبواب الطهارة - باب ما جاء: أن الماء من الماء ص ٣١ رقم (١١٠)، وقال: صحيح، والدارقطني في سننه، كتاب الطهارة - باب نسخ قوله: الماء من الماء ١/ ١٢٦ رقم (١)، وأحمد في مسنده ٣/ ٢٩ رقم (١١٢٦١).

(٥) في (ب): ومسلم بنحوه.

(٦) فضخ الماء: دفقه، والمقصور بالماء المني. ينظر: تاج العروس ٤/ ٣٠٢.

(٧) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الطهارة - باب في المذي ١/ ٣٨ رقم (٢٠٦) بلفظ: عَنْ عَلِىٍّ ¥ قَالَ: كُنْتُ رَجُلاً مَذَّاءً، فَجَعَلْتُ أَغْتَسِلُ حَتَّى تَشَقَّقَ ظَهْرِى، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ ÷ أَوْ ذُكِرَ لَهُ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ÷: «لاَ تَفْعَلْ إِذَا رَأَيْتَ الْمَذْىَ فَاغْسِلْ ذَكَرَكَ وَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ، فَإِذَا فَضَخْتَ الْمَاءَ فَاغْتَسِلْ».