تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 476 - الجزء 1

  قوله أيده الله تعالى: (ولمس ما فيه قرآن غير مستهلك إلا بمنفصل) هذا هو الثاني مما يحرم على ذي الحدث الأكبر، وهو لمس ما فيه قرآن مكتوب إذا كان غير مستهلك، وذلك إجماع⁣(⁣١)، إلا عن داود⁣(⁣٢). قال في الغيث: واستهلاكه: أن يتخلل كلاما غيره فيلحق حكمه به، واحتج على ذلك بوجهين:

  أحدهما: أنه يصير بذلك كالمفردات التي تجري في كلام الناس مع كونها موجودة في القرآن. ويجوز للجنب ونحوه مسها والتكلم بها إجماعا.

  الوجه الثاني: ما ثبت عن النبي ÷ أنه كتب إلى ملك الروم: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} الآية⁣(⁣٣)، مع كونهم لا يطهرون⁣(⁣٤) من الجنابة وإن اغتسلوا⁣(⁣٥).

  وفسر المؤلف أيده الله الاستهلاك بأن يتخلل القرآنُ كلامًا⁣(⁣٦) غيره على وجه لا يصح إطلاق اسم القرآن عليه هو وما يخلله كما في الكشاف وما يشبهه. قيل: لا، كما في تفسير الحاكم وشبهه⁣(⁣٧).

  قال أيده الله تعالى: وفي استدلالهم بكتاب النبي ÷ إلى


= الروياني: وفى تحريمه وجهان خرجهما والدى: أحدهما: يحرم كمس المصحف بيده النجسة. والثاني: لا يحرم كقراءة المحدث، كذا أطلق الوجهين؛ والصحيح أنه لا يحرم وهو مقتضى كلام الجمهور وإطلاقهم أن غير الجنب والحائض والنفساء لا يحرم عليه القراءة.

(١) ينظر: الانتصار ١/ ٩٣٤، والبحر الزخار ١/ ١٠٣، وشرح الأزهار ١/ ١٠٧، والمجموع ٢/ ٨٥، والمهذب ١/ ١٠٣، وروضة الطالبين ص ٢٦، وبدائع الصنائع ١/ ٣٣، والأوسط ١/ ١٠١، وبداية المجتهد ١/ ٤٩، وعيون المجالس ١/ ١٢١، والمغني ١/ ١٣٧، والإنصاف ١/ ٢٢٣.

(٢) وهو أنه يجوز للمحدث والجنب مسه. وبه قال كذلك: حماد بن أبي سليمان الأشعري (ت: ١٢٠ هـ)، والحكم بن عتيبة الكندي (ت: ١١٥). ينظر: عيون المجالس ١/ ١٢٢، والمحلى بالآثار ١/ ٩٤، والمغني ١/ ١٣٧، والمجموع ٢/ ٨٥.

(٣) سورة آل عمران: ٦٤.

(٤) في (ج): يتطهرون.

(٥) صحيح البخاري، كتاب الحيض - باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت ص ٦٧ رقم (٢٩٩).

(٦) في الأصل: كلامٌ بالرفع، ولعل الصواب ما أثبتناه.

(٧) لعل من فرق بين تفسير الكشاف وتفسير الحاكم (التهذيب) أن الزمخشري لم يذكر الآيات كاملة في تفسيره، وإنما يأتي بالمقطع الذي يفسره، والآيات الموجودة في النسخ المطبوعة، قبل: الكلام في تفسيرها هي من وضع المحققين عند طباعة الكشاف بينما كتاب التهذيب فهو يذكر الآيات أولا ثم يذكر اللغة ثم القراءات ثم الإعراب ثم المعنى العام للآية.