كتاب الطهارة
  قيصر مع تضمينه الآية الكريمة، ما يدل على أن القرآن إذا كان مغلوبًا بغيره لم يكن له حكم القرآن، كتفسير الحاكم وشبهه، هكذا نقل عنه أيده الله، وهو قوي، وعن الزوائد وغيره: أنه لا يجوز لمسه مطلقًا، ولو كان متخللا في كتب الهداية؛ احتجاجًا أو غيره.
  وفي إرشاد المقري: جواز حمل الدرهم الذي عليه قرآن. وفي شرح ه الإسعاد(١): جواز المس بطريق الأولى، قال: وكالدرهم ما كتب عليه القرآن من الثياب والعمائم المطرزة بالقرآن والطعام والحيطان؛ لأنها المقصود لا القرآن، فلا يجري عليها أحكام القرآن، ولهذا يجوز هدم الجدار وأكل الطعام المنقوشين به، وقال الماوردي: لا يجوز لبس الثياب وجها واحدًا؛ لأن الكتابة كلها قرآن. انتهى(٢).
  قلت: والمذهب يحرم جميع ذلك كما تقدم.
  تنبيه: قيل: أما منسوخ التلاوة كآيتي الرجم والرضاع، وكالتوراة والإنجيل فلا يحرم حمله ولا مسه، وإن كان حكمه باقيا، بخلاف منسوخ الحكم دون التلاوة، فحرمته باقية للتعبد بتلاوته(٣).
  فائدة: قيل: وتحرم كتابة القرآن بشيء نجس أو متنجس، أو وضعه عليهما، ومسه بعضو متنجس ولو جافا(٤).
  وقوله أيده الله: "إلا بمنفصل" يعني إلا أن يكون اللمس بشيء منفصل عن اللامس والملموس، كملبوس غير اللامس، وغلافه المصحف، وعلاقة غير المتصلين به، فإن ذلك لا يحرم(٥). وأما المتصل بأحدهما كملبوس اللامس ودفتي المصحف فلا يحل مسه به، وإنما عدل المؤلف أيده الله عن قوله في الأزهار: "إلا بغير متصل به(٦) إلى
(١) الإسعاد بشرح الإرشاد، تأليف: محمد بن محمد المقدسي (ت: ٩٠٦ هـ) - مخطوط بمكتبة الجامع الكبير رقم (١٢٢٦). ينظر: فهرست مخطوطات مكتبة الجامع الكبير ٢/ ٩٠٢.
(٢) ولأن المقصود بلبسها التبرك بما عليها من القرآن. الحاوي ١/ ١٧٦.
(٣) ورد في المجموع: يجوز للمحدث مس التوراة والإنجيل وحملهما كذا قطع به الجمهور، وذكر الماوردى والروياني فيه وجهين أحدهما: لا يجوز، والثاني: هو قول جمهور أصحابنا يجوز؛ لأنها مبدلة منسوخة. المجموع ٢/ ٨٣، والحاوي ١/ ١٧٦.
(٤) وهذا القول ذكره البغوي وغيره. ينظر: المجموع ٢/ ٨٣.
(٥) ينظر: الانتصار ١/ ٤٩، والبحر الزخار ١/ ١٠٣، وشرح الأزهار ١/ ١٠٨.
(٦) لفظ الأزهار ص ٢٤: ويحرم بذلك القراءة باللسان والكتابة ولو بعض آية، ولمس ما فيه غير مستهلك إلا بغير متصل به.