تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 478 - الجزء 1

  قوله: إلا بمنفصل"؛ لاحتمال الضمير في به أن يكون عائدا إلى المصحف، فيفهم منه جواز أن يمسه الجنب بملبوسه كما فهم ذلك من تعليل شرح القاضي زيد، وأن يعود الضمير إلى الجنب، فلا يجوز ذلك كما في الزوائد.

  وإنما يجوز حمل المصحف بعلاقته أو غلافه⁣(⁣١) أو بغير ملبوس الجنب، فاختار الجمع بين مقتضى القولين، وهو أنه لا يجوز حمل المصحف ولا مسه إلا بشيء منفصل عن الجنب وعن المصحف، فكانت عبارته أيده الله تعالى أوجز وأبسط، وما ذهب إليه أرجح وأحوط.

  وذهب الشافعية إلى تحريم مس المصحف وحمله على المحدث حدثًا أصغر أو أكبر ولو كان في طرف كخريطته وصندوقه المشتملين عليه، إلا إذا حمل بين أمتعة، كأن يكون في صندوق فيه أمتعة، ويكون المقصود حمل ما في الصندوق على الجملة، لا إذا كان هو المقصود بالحمل، فلا يجوز ذلك⁣(⁣٢).

  قالوا: وجلد المصحف جزء منه، فلا يجوز للمحدث مسه، ولو انفصل عنه؛ استصحابا لحرمته⁣(⁣٣).

  قيل: إلا أن يجعل جلد كتاب لم يحرم مسه حينئذ.

  قيل: ويستثنى مما ذكر أن الجنب ونحوه إذا خاف على المصحف من غرق أو حرق أو تنجيس أو وقوع في يد كافر ولم يتمكن من الاغتسال ولا من إيداعه مسلما ثقة فإنه يجوز له حينئذ حمله للضرورة، بل يجب ذلك، فإن تمكن من التيمم وجب عليه على الأصح⁣(⁣٤).

  قال في الغيث: تنبيه: قال في الزوائد: لا⁣(⁣٥) يجوز للجنب ونحوه تقليب ورق المصحف بقلم أو نحوه، وقد تقدم عنه جواز مسه بغير متصل، وهذا يدل على أنه فرق بين حمله ولمسه، إلا أني لا أدري ما وجه الفرق، فلينظر فيه، وعن بعض أصحاب الشافعي جواز التقليب بالقلم ونحوه. انتهى⁣(⁣٦).


(١) المنفصلة عن تجليده، تمت شرح البحر مما يدخل فيه تبعًا، لانفصالها في التبع.

(٢) ينظر: المجموع ٢/ ٧٩.

(٣) وهو المشهور عند جمهور الفقهاء. ينظر الموسوعة الفقهية ٣٨/ ٧، وقد ذكر النووي في المجموع وجها ضعيفا أنه يجوز مس الجلد. المجموع ١/ ٧٩، وروضة الطالبين ص ٣٦.

(٤) ينظر: مغني المحتاج ١/ ٣٧، والمجموع ٢/ ٨٣، ٨٤.

(٥) في (ب، ج): ولا يجوز.

(٦) ينظر: روضة الطالبين ص ٣٦.