كتاب الطهارة
  قلت: وعلل بعضهم جواز التقليب بالقلم ونحوه بأن الفاعل لذلك ليس بحامل ولا ماس، قيل: وهذا يقتضي أنه لو قلب الورقة على وجه يعد حاملا لها حرم ذلك.
  وقال بعضهم: إذا كانت الورقة قائمة فَمَيَّلَهَا بالعود أو وَضَعَ طرفه عليها لم يحرم، وإلا حرم لأنه يعد حاملا لها. انتهى. وفيه جمع بين القولين. والله أعلم.
  تنبيه: وتحرم الصلاة أيضًا على الجنب وإن كان لا يقرأ فيها كالأخرس غير الأصلي، ومن لا يحسن شيئا من القرآن؛ لظاهر قوله تعالى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا}(١).
  قوله أيده الله تعالى: (والمسجد؛ فإن كان فيه فعل الأقل من الخروج أو التيمم ثم يخرج)(٢) هذا هو الثالث مما يحرم على الجنب ونحوه، وهو دخول المسجد بجميع بدنه؛ لما أخرجه أبو داود من حديث عائشة عن النبي ÷ أنه قال: «وجهوا هذه البيوت عن المسجد، فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب»(٣). وفي ذلك أربعة أقوال:
  الأول: تحريم دخول المسجد مطلقًا؛ للحديث المتقدم، وهو المذهب، و [هو](٤) قول: أبي حنيفة، ومالك(٥).
(١) سورة النساء: ٤٣.
(٢) في (ج) بزيادة: ومسجد غالبًا؛ احتراز من أن يجنب في المسجد أو كان يمكن التيمم وكانت مدة التيمم أقل من الخروج فإنه يتيمم ثم يخرج، وإن أمكن التيمم حال سيره وجب عليه، ويحترز من أن يخشى على نفسه أو ماله، وإن كان من خارج جاز له البقاء والدخول، ويحترز من الخمسة $. وإنما عدل في هذه العبارة؛ لأنها تعم حيث استوى الخروج أو التيمم مدة وجوب الخروج.
(٣) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الطهارة - باب في الجنب يدخل المسجد ص ٥٥ رقم (٥٥)، والبيهقي في سننه، كتاب الطهارة - باب الجنب يمر في المسجد مارًّا ولا يقيم فيه ٢/ ٤٤٢ رقم (٤١٢١)، وابن خزيمة في صحيحه، كتاب الوضوء - باب الزجر عن جلوس الجنب والحائض في المسجد ٢/ ٢٨٤ رقم (١٣٢٧). قال في تلخيص الحبير ١/ ١٩٤: هو حديث حسن.
(٤) ما بين المعقوفتين من (ج).
(٥) ينظر: الانتصار ٢/ ٥٩، والبحر الزخار ١/ ١٠٤، وشرح الأزهار ١/ ١٠٩، ومختصر اختلاف العلماء =