تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 490 - الجزء 1

  انكشف له أنه جنب فقد أجزاه ذلك [الغسل]⁣(⁣١) بتلك النية المشروطة⁣(⁣٢). قيل: فلو قطع بنية رفع الجنابة مع الشك فيها أثم وأجزأ⁣(⁣٣). قيل: وفيه نظر.

  قوله أيده الله تعالى: (والمضمضة والاستنشاق) وهما الفرض الثاني من فروض الغسل، وهما مشروعان إجماعا، وإنما الخلاف في وجوبهما: فعند أكثر العترة، وأبي حنيفة وأصحابه، وجماعة من التابعين أنهما يجبان⁣(⁣٤)؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}⁣(⁣٥) فإن ظاهرها يدل على وجوب التطهير لكل عضو يلحقه التطهير؛ ويبين ذلك محافظته ÷ على فعلهما كما سيأتي ذكره؛ ولحديث أبي هريرة أن رسول الله ÷ قال: «تحت كل شعرة جنابة، فاغسلوا الشعر، وأنقوا البشر». أخرجه أبو داود، والترمذي⁣(⁣٦). وفي الفم والأنف بشر، ويؤيد ذلك ما روي عنه ÷ أنه قال: «المضمضة والاستنشاق للجنب ثلاثا فريضة»⁣(⁣٧)، وإن كان قد ضعف إسناده فهو يحتمل الصحة، والله أعلم.

  وعن الناصر، والشافعي وأصحابه، ومالك: هما سنة فقط⁣(⁣٨)؛ إذ لم يذكرهما ÷ في حديث أم سلمة. قالت: قلت يا رسول الله إني امرأه أشد


(١) ما بين المعقوفتين من (ب، ج)

(٢) ينظر: شرح الأزهار ١/ ١١٥.

(٣) وهو قول الفقيه يوسف، والفقيه علي كما في شرح الأزهار ١/ ١١٥.

(٤) ينظر: الانتصار ٢/ ٨١، والبحر الزخار ١/ ١٠٥، ١٠٦، ومختصر الطحاوي ص ١٩.

(٥) سورة المائدة: ٦.

(٦) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الطهارة - باب الغسل من الجنابة ص ٥٨ رقم (٢٤٨)، والترمذي في سننه، كتاب أبواب الطهارة - باب هل تنقض المرأة شعرها عند الغسل ص ٣٠ رقم (١٦٠)، وَقَالَ: غَرِيبٌ لا نَعْرِفُهُ إلاَّ مِنْ حَدِيثِ الْحَارِثِ، وَهُوَ شَيْخٌ لَيْسَ بِذَاكَ، وابن ماجة في سننه، كتاب أبواب التيمم - باب تحت كل شعرة جنابة ص ٨٩ رقم (٥٩٧)، وابن أبي شيبة في مصنفه ١/ ٩٥ رقم (١٠٠٢)، وعبد الرزاق في مصنفه ١/ ٢٦٢ رقم (١٠٦٥)، والبيهقي في سننه، كتاب الطهارة - باب تخليل أصول الشعر بالماء وإيصاله إلى البشرة ١/ ١٧٥ رقم (٧٩٧). وفي تلخيص الحبير ١/ ٣٨١: وَمَدَارُهُ عَلَى الْحَارِثِ بْنِ وَجِيهٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا. قَالَ أَبُو اوُد: الْحَارِثُ حَدِيثُهُ مُنْكَرٌ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.

(٧) أخرجه الدارقطني في علله ٨/ ١٠٤ رقم (١٤٢٨)، وقال: يرويه بركة بن محمد بن زيد الحلبي، وقيل: الأنصاري، عن يوسف بن أسباط، عن الثوري، عن خالد الحذاء، عن أبي هريرة، عن النبي، وتابعه سليمان بن الربيع النهدي، عن همام بن مسلم، عن الثوري، وكلاهما متروك، وهو وهم.

(٨) ينظر: الناصريات ص ١١١، والبحر الزخار ١/ ١٠٦، والمهذب ١/ ١٢١ وفيه: والواجب في ذلك ثلاثة أشياء: النية، وإزالة النجاسة إن كانت، وإفاضة الماء على البشرة الظاهرة وما عليها من الشعر حتى يصل الماء إلى ما تحته، وما زاد على ذلك سنة. والمجموع ٢/ ٢٠٩، والكافي لابن عبد البر ١/ ٣٩.