تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 494 - الجزء 1

  وقياسا على غسل النجاسة، قالوا: روى جبير بن مُطعم⁣(⁣١) عن رسول الله ÷ أنه قال: «أما أنا فأفيض الماء على رأسي ثلاثا»، وأشار بيديه كلتيهما. رواه الشيخان وغيرهما، ولم يذكر الدلك⁣(⁣٢). قلنا: ترك ذكره؛ لظهوره، وقد ذكره في غيره، وبينه بفعله ÷ كما مر، وكما سيأتي.

  وقوله⁣(⁣٣) أيده الله تعالى: "فإن تعذر إلى آخره" يعني إذا تعذر [الدلك] لجراحات أو نحوها⁣(⁣٤) وجب صب الماء على البدن من دون دلك، وهو أولى من الانغماس في الماء إذا أمكن؛ لما فيه من قوة جري الماء، فيقوم مقام الدلك.

  فإن تعذر الصب أيضًا وجب المسح، أو الانغماس⁣(⁣٥)، وهما أولى من التيمم، بل لا


= نسألك عن أشياء، نسألك عن الغسل من الجنابة، وما يحل للرجل من امرأته إذا كانت حائضاً؟ فقال: بإذنٍ جئتم أم بغير إذنٍ؟ قالوا: لا، بل بإذنٍ. قال: لو غير ذلك قلتم لنكلتكم عقوبةً، ويحكم أسحرةٌ أنتم! لقد سألتموني عن أشياء ما سألني عنهن أحدٌ منذ سألتُ رسول الله ÷ عنهن. ألست كنت شاهداً يا أبا الحسن؟ قال: قلت: بلى. قال: فَأدِّ ما أجابني به رسول الله ÷، فإنك أحفظ لذلك مني؟. فقلت: سألته عن الغسل من الجنابة، فقال ÷: «تصب الماء على يديك قبل أن تدخلهما في إنائك، ثم تضرب بيدك إلى مرافقك فتنقي مَا ثَمَّ، ثم تضرب بيديك إلى الأرض، ثم تصب عليها من الماء، ثم تمضمض وتستنشق وتستنثر ثلاثاً، ثم تغسل وجهك وذراعيك ثلاثاً ثلاثاً، وتمسح برأسك، وتغسل قدميك، ثم تفيض الماء على رأسك ثلاثاً، وتفيض الماء على جانبيك، وتدلك من جسدك ما نالت يداك». وسألته ما لك من امرأتك إذا كانت حائضاً، قال ÷: «ما فوق الإزار ولا تطلع على ما تحته».

(١) جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي القرشي النوفلي، شيخ قريش في زمانه، أسلم يوم الفتح، وحسن إسلامه، وكان سيدًا حكيمًا، نسابة، موصوفا بالحلم، ونبل الرأي كأبيه، وكان أبوه هو الذي قام في نقض صحيفة القطعية، وكان جبير شريفا مطاعا، وله رواية وأحاديث، توفي سنة ٥٧ هـ، و قيل: سنة ٥٩ هـ بالمدينة. ينظر: الاستيعاب ١/ ٣٠٣ رقم (٣١٥)، والإصابة ١/ ٢٢٧ رقم (١٠٩١)، وأسد الغابة ١/ ٥١٥ رقم (٦٩٨)، وسير أعلام النبلاء ٣/ ٩٥ رقم (١٨)، وتهذيب الكمال ٤/ ٥٠٦ رقم (٩٠٤).

(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الغسل - باب من أفاض على رأسه ثلاثًا ص ٥٨ رقم (٢٥٤)، ومسلم في صحيحه، كتاب الطهارة - باب استحباب إفاضة الماء على الرأس وغيره ثلاثا ص ١٨٠ رقم (٣٢٧)، وابن خزيمة في صحيحه، كتاب الوضوء - باب اكتفاء صاحب الجمة والشعر الكثير بإفراغ ثلاث حثيات من الماء على الرأس في غسل الجنابة ١/ ١٢١ رقم (٢٤٣)، والترمذي في سننه، كتاب أبواب الطهارة - باب ما جاء في الغسل من الجنابة ص ٣٠ رقم (١٠٣)، وابن ماجة في سننه، كتاب أبواب التيمم - باب ما جاء في الغسل من الجنابة ص ٨٦ رقم (٥٧٣)، وأبو داود في سننه، كتاب الطهارة - باب الغسل من الجنابة ص ٥٧ رقم (٢٣٨)، وأخرجه النسائي في سننه، كتاب الطهارة - باب ذكر عدد غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء ص ٤٣ رقم (٢٤٤).

(٣) في (ب، ج): قوله.

(٤) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، وفي (ب): إذا تعذر الدلك بجراحات ونحوها.

(٥) في (ب): والانغماس.