باب الغسل
  توضأ، وهو مبني على أن الوضوء يصح مع عدم طهارة البدن من الجنابة.
  قال في الانتصار: الذي نختاره أن الجنابة غير منافية، فيخير بين الوضوء قبل الغسل أو بعده، وهكذا ذكر أبو مضر للقاسم، ويحيى، والمؤيد بالله $(١).
  قال الإمام يحيى: فإذا توضأ قبله فلا وجه لاستحبابه بعده؛ لأن الوضوء على الوضوء لا يستحب من غير فاصل(٢). ذكر معنى ذلك في الغيث، [ثم](٣) قال: والصحيح عندنا قول أبي طالب، يعني المذهب المتقدم ذكره في أول التنبيه؛ لأن الوضوء غسل أعضاء مخصوصة بنية مخصوصة، والغسل: غسل جميع البدن بنية مخصوصة، إلى آخر ما ذكره.
  قلت: ويؤيده ما حكاه في الشفاء عن علي أنه قال: من اغتسل من جنابة ثم حضرته الصلاة(٤) فليتوضأ، وكان يتوضأ بعد الغسل(٥). قال فيه: وروى في الأحكام عن أبيه عن جده أن النبي ÷ أعاد وضوءه بعد اغتساله من الجنابة. انتهى(٦). وحكى في البحر(٧) عن الشافعي أقوالا:
  أحدها: أن الوضوء لا يدخل في الغسل بل يجبان كالمذهب(٨).
  وثانيهما(٩): كقول زيد وأبي حنيفة: أنها يتداخلان كالحيض مع الجنابة(١٠)؛ ولقوله تعالى: {فَاطَّهَّرُوا}(١١) ولم يفصل.
  قلت: ولما روته عائشة أن رسول الله ÷ كان لا يتوضأ بعد الغسل. أخرجه الترمذي والنسائي(١٢)، ولأبي داود عنها: كان رسول الله
(١) الانتصار ٢/ ٩٧.
(٢) ينظر: الانتصار ٢/ ٩٨، وشرح الأزهار ١/ ٧٩.
(٣) ساقط من (ب، ج).
(٤) في (ب، ج): ثم حضرته صلاة.
(٥) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الطهارة - باب الغسل من الجنابة ص ٥٨ رقم (٢٤٥)، وأحمد في مسنده ٦/ ١١٩ رقم (٢٤٩٢٢).
(٦) ينظر: شفاء الأوام ١/ ٩٩، والأحكام ١/ ٥٧.
(٧) ينظر: البحر الزخار ١/ ١٠٧.
(٨) وهو قول أكثر أئمة الزيدية. ينظر: الانتصار ٢/ ٩٣، والبحر الزخار ١/ ١٠٧، والمجموع ٢/ ٢٢٣.
(٩) في (ب، ج): وثانيها.
(١٠) البحر الزخار ١/ ١٠٧، والمجموع ٢/ ٢٢٣، والأوسط ٢/ ١٣٠.
(١١) سورة المائدة: ٦.
(١٢) أخرجه الترمذي في سننه، كتاب أبواب الطهارة - باب الوضوء بعد الغسل ص ٣٠ رقم (١٠٧)، =