كتاب الطهارة
  غسل عليكم» ... الحديث، أي واجب.
  ويؤيد ذلك ما أخرجه الموطأ أن أسماء بنت عميس(١) امرأة أبي بكر غَسَّلَتْ أبا بكر حين توفي، ثم خرجت فسألت من حضرها من المهاجرين فقالت: إني صائمة، وإن هذا يوم شديد البرد، فهل [علي](٢) من غسل؟ قالوا: لا. انتهى(٣).
  ويلزم القائلين بوجوب الغسل من غسل الميت أن يوجبوا الوضوء من حمله؛ لظاهر(٤) الخبر، وهم لا يقولون بذلك بل يحملونه على الوضوء اللغوي، وهو غسل اليد، فكذا يحمل قوله: «فليغتسل» على الندب؛ لما مر، وهذا عندنا حيث لم يصب الغاسل شيء من غسالة الميت، فإن أصابه منها شيء غسل ما أصابه [ذلك](٥) وجوبا(٦).
  قوله أيده الله تعالى: (وندب يوم عرفة) وإنما جعل غسل يوم عرفة وما بعده مندوبا؛ لأنه لم يثبت عنده أيده الله تعالى حصول حقيقة المسنون فيه، وهو كونه مما لازمه الرسول ÷ وأمر به، مع بيان كونه غير واجب؛ ودليل كونه مندوبا ما تقدم عن علي.
  واختلف في وقته: فقيل: من الفجر إلى الغروب(٧)، وقيل: من بعد الزوال إلى الغروب، وهو اليوم التاسع من ذي الحجة(٨).
  قوله أيده الله تعالى: (وليالي القدر) أي ويندب الغسل في كل ليلة من ليالي القدر، وهي الأوتار بعد العشرين من شهر رمضان، قيل: ووقته بين العشائين؛ ودليل كونه
(١) أسماء بنت عميس بن معبد بن الحارث الخثعمية، صحابية، من المهاجرات الأول، أسلمت قبل دخول رسول الله ÷ دار الأرقم مع زوجها جعفر بن أبي طالب ®، وهاجرت الهجرتين، وتزوجها بعد جعفر أبو بكر فولدت له محمدًا، ثم تزوجت عليًّا فولدت له يحيى، وهي من خواص أهل البيت، توفيت بعد علي، روى لها الأربعة. ينظر: الإصابة ٤/ ٢٢٥ رقم (٥١)، وأسد الغابة ٧/ ١٢ رقم (٣٢٧٥)، والاستيعاب ٤/ ٣٤٧ رقم (٣٢٦٤)، وسير أعلام النبلاء ٢/ ٢٨٢ رقم (٥١)، وتهذيب الكمال ٣٥/ ١٢٦ رقم (٧٧٨٤)، ولوامع الأنوار ٣/ ١٩٥.
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(٣) ينظر: الموطأ، للإمام مالك ١/ ٢٢٣ رقم (٥٢١).
(٤) في (ج): لموجب الخبر، وكتب فوقها على السطر: نخ لظاهر.
(٥) في (ب، ج): وذلك.
(٦) ينظر: البحر الزخار ١/ ١١١.
(٧) وهو قول أبي العباس الحسني. ينظر: شرح الأزهار ١/ ١١٩.
(٨) ينظر: شرح الأزهار ١/ ١١٩.