تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 508 - الجزء 1

  غسل عليكم» ... الحديث، أي واجب.

  ويؤيد ذلك ما أخرجه الموطأ أن أسماء بنت عميس⁣(⁣١) امرأة أبي بكر غَسَّلَتْ أبا بكر حين توفي، ثم خرجت فسألت من حضرها من المهاجرين فقالت: إني صائمة، وإن هذا يوم شديد البرد، فهل [علي]⁣(⁣٢) من غسل؟ قالوا: لا. انتهى⁣(⁣٣).

  ويلزم القائلين بوجوب الغسل من غسل الميت أن يوجبوا الوضوء من حمله؛ لظاهر⁣(⁣٤) الخبر، وهم لا يقولون بذلك بل يحملونه على الوضوء اللغوي، وهو غسل اليد، فكذا يحمل قوله: «فليغتسل» على الندب؛ لما مر، وهذا عندنا حيث لم يصب الغاسل شيء من غسالة الميت، فإن أصابه منها شيء غسل ما أصابه [ذلك]⁣(⁣٥) وجوبا⁣(⁣٦).

  قوله أيده الله تعالى: (وندب يوم عرفة) وإنما جعل غسل يوم عرفة وما بعده مندوبا؛ لأنه لم يثبت عنده أيده الله تعالى حصول حقيقة المسنون فيه، وهو كونه مما لازمه الرسول ÷ وأمر به، مع بيان كونه غير واجب؛ ودليل كونه مندوبا ما تقدم عن علي.

  واختلف في وقته: فقيل: من الفجر إلى الغروب⁣(⁣٧)، وقيل: من بعد الزوال إلى الغروب، وهو اليوم التاسع من ذي الحجة⁣(⁣٨).

  قوله أيده الله تعالى: (وليالي القدر) أي ويندب الغسل في كل ليلة من ليالي القدر، وهي الأوتار بعد العشرين من شهر رمضان، قيل: ووقته بين العشائين؛ ودليل كونه


(١) أسماء بنت عميس بن معبد بن الحارث الخثعمية، صحابية، من المهاجرات الأول، أسلمت قبل دخول رسول الله ÷ دار الأرقم مع زوجها جعفر بن أبي طالب ®، وهاجرت الهجرتين، وتزوجها بعد جعفر أبو بكر فولدت له محمدًا، ثم تزوجت عليًّا فولدت له يحيى، وهي من خواص أهل البيت، توفيت بعد علي، روى لها الأربعة. ينظر: الإصابة ٤/ ٢٢٥ رقم (٥١)، وأسد الغابة ٧/ ١٢ رقم (٣٢٧٥)، والاستيعاب ٤/ ٣٤٧ رقم (٣٢٦٤)، وسير أعلام النبلاء ٢/ ٢٨٢ رقم (٥١)، وتهذيب الكمال ٣٥/ ١٢٦ رقم (٧٧٨٤)، ولوامع الأنوار ٣/ ١٩٥.

(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).

(٣) ينظر: الموطأ، للإمام مالك ١/ ٢٢٣ رقم (٥٢١).

(٤) في (ج): لموجب الخبر، وكتب فوقها على السطر: نخ لظاهر.

(٥) في (ب، ج): وذلك.

(٦) ينظر: البحر الزخار ١/ ١١١.

(٧) وهو قول أبي العباس الحسني. ينظر: شرح الأزهار ١/ ١١٩.

(٨) ينظر: شرح الأزهار ١/ ١١٩.