تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 512 - الجزء 1

  وأما الغسل عقيب الإسلام فهو مستحب لمن لم يكن قد أجنب حال كفره، ولا ترطب على قولنا بنجاسته⁣(⁣١).

  أما حيث كان قد أجنب في حال كفره فإنه يجب عليه الغسل عقيب إسلامه، ولو كان قد اغتسل حال كفره، فلا حكم له؛ لعدم صحة النية منه. هذا هو المذهب⁣(⁣٢).

  وعن أبي حنيفة أنه إذا كان قد اغتسل حال كفره لم يجب عليه إعادة الغسل⁣(⁣٣).

  وعن المنصور والشافعي أنه لا يجب الغسل على الكافر بعد إسلامه من جنابة أصابته قبل إسلامه⁣(⁣٤)؛ لقوله ÷: «الإسلام يجب ما قبله»⁣(⁣٥)، وهو طرف من حديث سيأتي.

  وجوابه أن الغسل يجب للصلاة المستقبلة، وغسله الأول غير صحيح لما تقدم.

  وأما إذا لم يكن قد أجنب قبل إسلامه فإن كان قد اغتسل أو ترطب رطوبة عامة لبدنه وجب عليه الغسل عقيب إسلامه على قولنا بنجاسة رطوبته.

  قال المهدي: وهذا من عجائب الأحكام، حيث يكون غسل يوجب غسلا، وإن لم يكن قد اغتسل ولا ترطب رطوبة عامة، فإن كان قد ترطب بعضه بعرق أو غيره وجب عليه غسل المترطب فقط، واستحب له غسل الباقي عندنا، وإن لم يكن قد ترطب بشيء أصلا استحب له الاغتسال، ولا يجب خلاف أحمد بن حنبل⁣(⁣٦).

  وروي مثله عن بعض أهل المذهب؛ والدليل على استحباب ذلك حديث قيس بن عاصم قال: أتيت رسول الله ÷ أريد الإسلام فأمرني أن أغتسل بماء وسدر. أخرجه أبو داود هكذا⁣(⁣٧).


(١) ينظر: شرح الأزهار ١/ ١٢٠.

(٢) ينظر: الانتصار ٢/ ٤٥، والبحر الزخار ١/ ١٠١.

(٣) واستدل على ذلك أن غسل الكافر صحيح؛ بدليل أن المسلم إذا تزوج ذمية ثم اغتسلت من الحيض فإنه يحل وطؤها، فلولا أن الغسل صحيح لم يحل وطئها. ينظر: بدائع الصنائع ١/ ٣٥.

(٤) ينظر: الانتصار ٢/ ٤٥، والمهذب في فتاوى الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة ص ١١، والمجموع ٢/ ١٧٣.

(٥) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان - باب كون الإسلام يهدم ما قبله، وكذا الهجرة والحج ص ١٠٣ رقم (١٢١).

(٦) ينظر: البحر الزخار ١/ ١٠١، والمغني ١/ ٢٠٦، ٢٠٧.

(٧) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الطهارة - باب الرجل يسلم فيؤمر بالغسل ص ٧٨ رقم (٣٥١).