تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 518 - الجزء 1

  حتى يتوضأ»⁣(⁣١) وهو طرف من حديث أخرجه الستة، وقد تقدم، وهو موافق للقياس، وخص منه ما تقدم⁣(⁣٢)؛ جمعا بين الأدلة. والله أعلم.

  وحكم خوف السبيل إلى الماء بمنزلة الخوف من استعماله في جميع ما تقدم. وكذا الخوف من العطش؛ ودليل جميع ذلك حديث صاحب الشجة، ونحوه.

  وأما فقد الآلة، وخشية تنجيس الماء، ونحو ذلك فمقيسة على العدم، وسيأتي دليله.

  قوله أيده الله تعالى: (أو فوت صلاة لا تقضى ولا بدل لها) هذا هو الثاني من أسباب جواز العدول إلى التيمم، وهو أن يخشى من اشتغاله⁣(⁣٣) باستعمال الماء فوت صلاة لم يشرع فيها قضاؤها.

  مثاله: أن يحضر صلاة الجنازة ويخشى أنه إن استعمل الماء فاتته بأن يدفن الميت على قولنا بعدم صحة الصلاة على القبر، أو حيث تفوته الجماعة، أو يصلي عليها غيره؛ لأن صلاة الجنازة تفوت إذا قام بها البعض في جماعة أو غيرها؛ إذ هي فرض كفاية.

  وكذلك صلاة العيدين حيث يخشى من الاشتغال بالوضوء خروج وقتها، ولم يشرع قضاؤها.

  وأما صلاتها في اليوم الثاني لأجل اللبس فليس بقضاء، بل أداء؛ لقوله ÷: «فطركم يوم تفطرون»⁣(⁣٤) ونحوه، وسيأتي في صلاة العيد؛ والدليل على جواز العدول إلى التيمم عند خشية فوت ما لا يقضى ولا بدل لها ما روي عنه ÷ [أنه]⁣(⁣٥) قال: «إذا جاءتك جنازة وأنت على غير طهر فتيمم وصل عليها». حكاه في الشفاء من رواية ابن عمر⁣(⁣٦)؛ ولما أخرجه أبو داود وغيره من رواية


(١) أخرجه البخاري في صحيحه ١/ ٦٣ رقم (١٣٥)، كتاب الوضوء - باب لا تقبل صلاة بغير طهور.

(٢) أي وخص من المرض المذكور بالآية المرض الذي يُخْشَى منه التلف أو الضرر.

(٣) في (ب): من استعماله باستعمال.

(٤) هذا طرف من حديث أخرجه أبو داود ٢/ ٧٤٣ رقم (٢٣٢٤)، كتاب الصوم - باب إذا أخطأ القوم الهلال، وعبد الرزاق في المصنف ٤/ ١٥٦ رقم (٧٣٠٤)، والدارقطني ٢/ ١٦٣ رقم (٣١)، كتاب الصيام، والبيهقي في السنن ٣/ ٣١٧، كتاب صلاة العيدين - باب القوم يخطئون الهلال من حديث أبي هريرة، عن النبي ÷ قال: «إنما الشهر تسعة وعشرون، فلا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فأتموا العدة ثلاثين، فطركم يوم تفطرون، وأضحيتكم يوم تضحون، وكل عرفة موقف، وكل منى منحر، وكل فجاج مكة منحر» واللفظ للدارقطني.

(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ج).

(٦) شفاء الأوام ١/ ١٥٦، باب الطهارة بالتراب، وفيه: «إذا فجأتك الجنازة ...» الخ. ولم أقف عليه =