تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 524 - الجزء 1

  قال في الغيث⁣(⁣١): وحد الإجحاف إن كان مسافرًا أن ينقص من زاده الذي يبلغه ولو كان غنيًّا في بلده، وإن كان حاضرا فقيل: أن يتضرر⁣(⁣٢)، وقيل: أن لا يبقى له ما يبقى للمفلس⁣(⁣٣)، وهذا مذهبنا؛ لأن واجد الثمن واجد للمثمن.

  قال في الشرح⁣(⁣٤): وقياسا على الثوب فإنه يشتريه بما لا يجحف.

  وعن أبي حنيفة والشافعي: لا يجب شراؤه بأكثر من ثمنه، أو زيادة يتغابن الناس بمثلها في مثله، وكذا عن المنصور بالله⁣(⁣٥). انتهى.

  وكذلك يجب اتهاب الماء: أي طلب هبته، ولم يذكر المؤلف أيده الله تعالى وجوب قبول هبته؛ لفهم ذلك من إيجاب الاتهاب بطريق الأولى، وأراد بنحو الاتهاب: الاقتراض، وترك رد النذر، والوصية، والصدقة، وإنما يجب كل ذلك حيث لا يلحق الطالب مِنَّةً بذلك، وذلك في المواضع التي يكون الماء فيها كثيرا يتسامح بهبته؛ واستدل على ذلك بأن النبي ÷ سأل ابن مسعود هل في إداوته ماء؟ وتوضأ⁣(⁣٦) به في إحدى الروايات، ولم ينقل أنه اشتراه منه⁣(⁣٧)؛ ودليل وجوب اتهاب الماء ما ذكر مع ما علم من وجوب تحصيل ما لا يتم الواجب المطلق إلا به، حيث كان مقدورا للمكلف.

  وعن أبي حنيفة أنه لا يلزم قبول الهبة⁣(⁣٨).

  وأسقط المؤلف أيده الله تعالى قوله في الأزهار: "لا ثمنه"؛ لأن الغالب فيه حصول


(١) ينظر شرح الأزهار ١/ ٤٤٥.

(٢) القائل هو الفقيه علي بن يحيى الوشلي. شرح الأزهار ١/ ٤٤٥.

(٣) القائل هو الفقيه يحيى البحيح. شرح الأزهار ١/ ٤٤٥.

(٤) أي شرح الأثمار.

(٥) قال المنصور بالله في المهذب ص ٢٣: حد الإجحاف في شراء الماء للوضوء، والغسل الذي يجوز عنده التيمم هو أن يؤثِّر في حال من يشتريه، وهو يختلف باختلاف المشترين. اهـ. وانظر في مذهب أبي حنيفة والشافعي الهداية ١/ ٣٠، وشرح فتح القدير ١/ ١٢٦، والمبسوط ١/ ١/١١٩، وحلية العلماء ١/ ٢٤٥، والحاوي ١/ ٣٤٩ - ٣٥٠، والمهذب ١/ ١٣١.

(٦) في (ج): ماء توضأ.

(٧) الحديث: هو أن النبي ÷ قال لابن مسعود ليلة الجن: «ما في إداوتك»؟ قال: نبيذ. قال: «ثمرة طيبة وماء طهور». أخرجه أبو داود ١/ ٦٦ رقم (٨٤)، كتاب الطهارة - باب الوضوء بالنبيذ، والترمذي ١/ ١٤٧ رقم (٨٨)، أبواب الطهارة - باب الوضوء بالنبيذ، وابن ماجة ١/ ١٣٥ رقم (٣٨٤)، كتاب الطهارة وسننها - باب الوضوء بالنبيذ، والدارقطني ١/ ٧٦ رقم (١١)، كتاب الطهارة - باب الوضوء بالنبيذ. وضعفه الدار قطني وغيره.

(٨) الانتصار ١/ ١٣٥، وفي فتح القدير ١/ ٣٤٨ أنه إن أقرضه ثمن الماء فإنه لا يجب قبوله. ولم أقف على مسألة قبول هبته، فيحتمل أنها كهذه. والله أعلم.