كتاب الطهارة
  المنة، فإذا كان لا يجب اتهاب الماء حيث يقع به منة مع أن الأغلب في الماء عدم المنة، فأولى وأحرى أن لا يجب اتهاب الثمن ولا قبول هبته؛ إذ الأغلب فيه حصول المنة.
  قال أهل المذهب(١): إلا من الولد؛ لأن للوالد في ماله شبهة ملك؛ لقوله ÷: «أنت ومالك لوالدك(٢)»»(٣)، وهو طرف من حديث سيأتي.
  قالوا: وكذا من الإمام؛ لأنه كالوديع للفقراء، ولا منة في إعطاء الوديعة مالكها، بخلاف رب المال فلا يجب قبول الزكاة منه؛ لأنها قبل صرفها باقية على ملكه، فلو وجب قبولها [منه](٤) لجاز سؤالها، والمذهب منعه.
  قيل: وكذلك حكم هبة الثوب ليصلي فيه، والمال ليقضي به دينه(٥).
  وعن الناصر، ومالك، والشافعي في أحد أقواله: أنه يجب قبول هبة الماء وثمنه مطلقا(٦).
  قيل: وعارية الثوب كهبة الماء(٧).
  وأما النسيئة بثمن الماء والثوب فالأقرب أن الأجل إذا ذكر في نفس العقد على وجه لا يعد البائع متفضلا بالتأجيل وجب الشراء، وإلا لم يجب.
(١) شرح الأزهار ١/ ٤٤٧، والبيان الشافي ١/ ١٢٩.
(٢) في (ب): أنت ومالك لأبيك.
(٣) أخرجه أبو داود في سننه ٣/ ٨٠١ رقم (٣٥٣٠)، كتاب البيوع والإجارات - باب في الرجل يأكل من مال ولده، والبيهقي في سننه ٧/ ٤٨٠، باب نفقة الأبوين، وابن ماجة في سننه ٢/ ٧٦٩ رقم (٢٢٩١)، كتاب التجارات - باب ما للرجل من مال ولده، بلفظ: «أنت ومالك لأبيك»، وابن حبان في صحيحه ٢/ ١٤٢ رقم (٤١٠)، باب ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة العلم أن مال الابن يكون للأب، والطبراني في المعجم الكبير ٧/ ٢٣٠ رقم (٦٩٦١)، وعبد الرزاق في مصنفه ٩/ ١٣٠ رقم (١٦٦٢٨)، باب ما ينال الرجل من مال ابنه وما يجبر عليه من النفقة، وابن أبي شيبة في مصنفه ٤/ ٥١٦ رقم (٢٢٦٩٤)، باب في الرجل يأخذ من مال ولده.
(٤) ما بين المعقوفتين من (ب، ج).
(٥) يعني أنهما لا يجب قبولهما. البيان الشافي ١/ ١٢٩.
(٦) البحر الزخار ١/ ١١٥، وشرح الأزهار ١/ ٤٤٧، ولم يذكر في شرح الأزهار هذا القول عن الشافعي، وإنما حكاه عنه في البحر. فلعله أخذه عن الشافعي من إعادة قبول عارية الدلو إذا كان ثمنه بمثل ثمن الماء. انظر: العزيز شرح الوجيز ١/ ٢٠٩، والحاوي ١/ ٣٥٢، وحلية العلماء ١/ ٢٤٧، وقد صرح في مغني المحتاج ١/ ٩١ أنه لا يلزم قبول الثمن بالإجماع، قال: ولو من الوالد لولده. ومثله في الروضة ص ٤٥. وفي حاشية الدسوقي ١/ ١٥٢: لا يلزم قبول هبة ثمنه.
(٧) القائل: هو الفقيه حسن. البيان الشافي ١/ ١٢٩. ويعني أنه يلزم قبول عارية الثوب للصلاة، كما يلزم قبول هبة الماء للوضوء.