باب التيمم
  هو مطلق فيحمل على المقيد، وهو فيما أخرجه مسلم من رواية حذيفة: «وجعلت لنا الأرض كلها مسجدا، وجعلت تربتها طهورا إذا لم نجد الماء»(١).
  وأما كونه منبتا فلقوله تعالى: {صَعِيدًا طَيِّبًا}. وغير المنبت ليس بطيب؛ لقوله تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا}(٢) فلا يجزئ التيمم بغير المنبت كتراب الأرض السَّبِخَةِ(٣)، وتراب البَرْذَعَةِ(٤) بفتح الباء الموحدة، والذال المعجمة، ونحوهما مما لا ينبت.
  وعن الإمام يحيى: لا يعتبر ذلك؛ قياسا على عذب الماء ومالحه(٥)؛ ولأن أرض المدينة سبخة، وقد تيمم منها النبي ÷؛ والدليل على أن أرض المدينة سبخة حديث عائشة في شأن الهجرة قال فيه: فقال رسول الله ÷ للمسلمين: «قد أُرِيتُ دارَ هجرتِكُمْ أُرِيْتُ سبخةً ذات نخلٍ بين لَابَتِيْنِ»(٦). وأما كون النبي ÷ تيمم منها فلحديث تيَمُّمه ÷ من الجدار ليرد السلام، وقد تقدم. لنا: الآيتان.
  واختلف المذاكرون(٧) في اشتراط كونه مسنبلا(٨)، فمنهم من شرط ذلك؛ وحجته الآية.
= ٤/ ١٠٤ رقم (١٥٥٣)، كتاب السير - باب ما جاء في الغنيمة، وابن حبان ٦/ ٨٧ رقم (٢٣١٣)، كتاب الصلاة - باب ما يكره للمصلي وما لا يكره.
(١) مسلم ١/ ٣٧١ رقم (٥٢٢)، كتاب الصلاة - باب كتاب المساجد ومواضع الصلاة، والترمذي ٢/ ١٣١ رقم (٣١٧)، أبواب الصلاة - باب ما جاء أن الأرض كلها مسجد، وابن حبان ٤/ ٥٩٥ رقم (١٦٩٧)، كتاب الصلاة - باب شروط الصلاة، وأحمد بن حنبل ٩/ ٧٥ رقم (٢٣٣١١)، وابن خزيمة في صحيحه ١/ ١٣٣ رقم (٢٦٣)، باب ذكر الدليل على أن ما وقع عليه اسم التراب فالتيمم به جائز.
(٢) سورة الأعراف: ٥٨.
(٣) السَّبِخَةُ: الأرض المالحة. تاج العروس ٤/ ٢٧٦، مادة سبخ.
(٤) البَرْذَعَةُ: أرض لا جلّدٌ ولا سهل. تاج العروس ١١/ ١١، مادة: برذع.
(٥) الانتصار ٢/ ١٨١، ١٩١ - ١٩٢، والبحر الزخار ١/ ١١٩، وشرح الأزهار ١/ ٤٥١.
(٦) أخرجه البخاري ٢/ ٨٠٣ رقم (٢١٧٥)، كتاب الكفالة - باب جوار أبي بكر في عهد النبي ÷، وابن حبان ١٤/ ١٧٧ رقم (٦٢٧٧)، كتاب التاريخ - باب فضل هجرته إلى المدينة، وابن خزيمة ١/ ١٣٣ رقم (٢٦٥)، جماع أبواب التيمم - باب إباحة التيمم بالسباخ.
(٧) انظر: شرح الأزهار ١/ ٤٥١.
(٨) المسنبل: ما ينبت السنابل من الزرع.