تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 549 - الجزء 1

  قوله أيده الله تعالى: (ثم الأصغر، فإن كفى الأعضاء، ولمضمضة فمتوضئ، وإلا أثرها ويمم الباقي، ومتيمم) أي ثم بعد طهارة البدن والستر، ورفع الحدث الأكبر إذا بقيت من الماء بقية، أو لم يكن شيء من تلك الأمور، ولكن الذي معه من الماء لا يكفيه لجميع أعضاء الوضوء، فإن الواجب عليه حينئذ أن يقدم المضمضة والاستنشاق وأعضاء التيمم، وهما الوجه واليدان، وذلك بعد غسل الفرجين إن كان هادويا⁣(⁣١)، وإن كفى الماء لهذه الأعضاء فحكمه حكم المتوضئ فإنه يصلي بتلك الطهارة ما شاء من الصلوات، وفي أول الوقت لكمال ما أجمع على وجوب غسله في الوضوء وهو الوجه واليدان، ومتى وجد الماء بنى على وضوئه الأول وكمله، ولزمه إعادة ما بقي وقته من الصلوات عند وجود الماء على الأرجح⁣(⁣٢). وقيل: لا يجب⁣(⁣٣).

  قيل: وكان ينبغي أن المتوضئ على هذه الصفة يؤخر الصلاة إلى آخر الوقت؛ لأن في طهارته نقصان⁣(⁣٤)، لكن قالوا: لا يؤخر؛ لأن طهارته بالماء، والطهارة بالماء أصلية، ولم ينظروا إلى نقصان طهارة الأعضاء. انتهى.

  وأما إذا لم يكف الماء لأعضاء التيمم كلها وجب عليه أن يؤثر المضمضة والاستنشاق بعد غسل الفرجين إن كان هادويا على الوجه، واليدين؛ لأن لغسلهما بدلا وهو التيمم، بخلاف الفرجين والمضمضة [والاستنشاق]⁣(⁣٥)، ثم ييمم الوجه واليدين أو بعضهما مرتبا.

  قال في الغيث: وهذا إذا تغير ماء المضمضة بالريق، فأما إذا لم يتغير غسل به الوجه أيضًا؛ لأن الفم والوجه عضو واحد، فلا يصير ماء أحدهما مستعملا في حق الآخر⁣(⁣٦).


= واختاره الإمام عز الدين بن الحسن. ينظر المجموع للنووي ٢/ ٢٢٣، والأوسط ٢/ ١٣٠، وأصول الأحكام ١/ ٥٣، وشرح التجريد ١/ ١٩٧، والبحر الزخار ١/ ١٠٧.

(١) لأن مذهب الهادوية وجوب غسل الفرجين بعد إزالة النجاسة، وقد تقدم.

(٢) وهو قول الأمير الحسين، والفقيه علي، وقواه الإمام المهدي؛ لأن طهارته ناقصة، لا الصلاة التي يعيدها. ينظر شرح الأزهار ١/ ٤٧٣، والبيان الشافي ١/ ١٤٥، ١/ ٩٩.

(٣) وهو قول الحقيني والمذاكرين. ينظر: شرح الأزهار ١/ ٤٧٣، والبيان الشافي ١/ ١٤٥، ١/ ٩٩، وجزم به في التذكرة الفاخرة ص ٧٢.

(٤) وبه قال ابن المظفر وأوجبه. البيان الشافي ١/ ٩٩.

(٥) سقط من (ب، ج).

(٦) ينظر شرح الأزهار ١/ ٤٧٤، والتذكرة الفاخرة ص ٧٢.