تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 564 - الجزء 1

  ذلك جميعه في الغيث، واختصره في البحر. فقال: قلت: وبالاشتغال بغيره على وجه ينكشف به بطلان تحري آخر الوقت في المؤقت، وغيره مقيس. انتهى⁣(⁣١).

  قال في الغيث: فصح أن كلام أبي مضر مستقيم على قياس كلام يحيى والمؤيد بالله وغيرهما ممن أوجب التأخير على المتيمم⁣(⁣٢).

  فإذا عرفت ذلك فاعلم أن قوله: "والاشتغال بغيره" ليس على إطلاقه، وإنما مراده الاشتغال بغير ما تيمم له مما لا تعلق له به، وهو مانع من فعله أو فعل ما يتعلق به، ويستغرق وقتًا ظاهرًا يعتد به، ثم ذكر فوائد القيود المذكورة، وهي ظاهرة لمن له أدنى بصيرة، فتركت إيرادها إيثارًا للاختصار. ثم قال: والوجه في اعتبار هذه القيود إجماع المسلمين على نحو هذه الأشياء التي احترزنا منها غير ناقض⁣(⁣٣) إلى آخر ما ذكره، ثم قال: وعلى هذا لو تيمم ولم يشتغل بشيء، وقطع وقتا ممتدا بطل تيممه. قال: وهذه المسألة مبنية على كلام من أوجب التأخير مع العذر المأيوس، ولم يفرق بينه وبين مرجو الزوال، وفي دليلهم من الضعف ما قدمنا فافهم ذلك. انتهى بلفظه⁣(⁣٤).

  قلت: وفي عدول المؤلف أيده تعالى عن عبارة الأزهار إلى قوله: "وما يعد اشتغالا عنه" - إشارة إلى اعتبار القيود المذكورة؛ إذ لا يعد الاشتغال بما لم يجمعها اشتغالا عما يتيمم له عرفا، بخلاف عبارة الأزهار، وهي قوله: "وبالاشتغال بغيره" فإن ظاهرها الإطلاق، فيدخل [فيها]⁣(⁣٥) ما لم يجمع تلك القيود؛ إذ يصدق عليه أنه اشتغال بغير ما تيمم له في الجملة، والله أعلم.

  قوله أيده الله تعالى: (وبزوال عذره) هذا هو الخامس من نواقض التيمم وهو زوال العذر الذي جاز معه التيمم، ولا خلاف في أن ذلك ناقض للتيمم، إلا عند من يجعل التيمم رافعا للحدث، وحكمه حكم واجد الماء في وجوب إعادة ما صلى، كما سيأتي تفصيله⁣(⁣٦).


(١) البحر الزخار ١/ ١٢٨.

(٢) ينظر: شرح الأزهار ١/ ١٤٦.

(٣) لأنه لم يسمع عن أحد من السلف والخلف أنه أعاد تيممه لكلمة تكلمها قبل فعل ما تيمم له ونحو ذلك شرح الأزهار ١/ ١٤٦.

(٤) الغيث المدرار (خ).

(٥) من (ب، ج).

(٦) ينظر البحر الزخار ١/ ١٢٨، وشرح الأزهار ١/ ١٤٦.