كتاب الطهارة
  لأنه بفراغه من التيمم لا يجب عليه الوضوء؛ لأنه قد تلبس بالبدل، وإن وجده بعد الدخول فيها فلا يخلو إما أن يكون قبل كمالها أو بعده، إن كان قبله ففيه أقوال:
  الأول: تخريج أبي العباس، والمؤيد بالله، وأبي طالب على أصل يحيى أن حكمه حكم من وجد الماء قبل الدخول فيها في بطلان التيمم، بشرط أن لا يحتاج الماء، كما مر، وسواء خشي فوت الصلاة باستعماله أم لا، إلا على كلام ابني الهادي وأبي العباس؛ لأنهم يؤثرون الوقت كما مر، وإلى هذا القول أشرنا بقولنا: "ووجود الماء قبل كمال الصلاة"(١).
  قلت: وفي معناه قول المؤلف أيده الله تعالى: "قبل فراغ". قال: وسواء كان الماء يكفيه لكمال الوضوء أم لا يكفيه عندنا، وهو قول الكني. ودل عليه كلام القاضي زيد. القول الثاني: للشافعي ومالك أنه لا يبطل تيممه بذلك؛ لأنه قد تلبس بالبدل، وهذا(٢) أصل لهم مستمر(٣). القول الثالث: لداود أنه لا يجوز له الخروج، وهو مبني على قوله إنه يرفع الحدث. انتهى(٤).
  قوله أيده الله تعالى: (وبوجوده بعده يعيد من الصلاة ما بقي وقته بعد الوضوء) أي وبوجود الماء بعد الفراغ من الصلاة التي تيمم لها يجب على المتيمم أن يعيد ما بقي وقته من الصلوات بعد أن يتوضأ له، نحو أن يدرك الأولى من العصرين أو العشائين، وركعة من الثانية بعد الوضوء لهما وقبل خروج وقتهما، فإن لم يبق من الوقت إلا ما يسع الآخرة أو ركعة منها بعد الوضوء لم يجب عليه إلا إعادتها وحدها؛ لأن الوقت قد تمحض لها وخرج وقت الأولى.
  وعبارة الأثمار هذه قد أدت مع اختصارها ما أدته عبارة الأزهار، وكلاً آتاه الله علما(٥) وحكما، وهذا المذكور في الأزهار والأثمار هو المختار للمذهب، ودليله توجه الخطاب مع بقاء الوقت(٦).
= عن أبي سلمة بن عبد الرحمن من أصحاب الشافعي؛ والحجة له على ما قاله: قوله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}[محمد: ٣٣]. ولا شك أن التيمم من جملة أعمال العبادات، وهو إذا عدل عنه إلى الوضوء فقد أبطله إذا لم يُصلِّ به. الحجة الثانية: قوله هو أن التيمم قد انعقد على الصحة فلا يبطل برؤية الماء كما لو رآه بعد فراغه من الصلاة. وينظر: البحر الزخار ١/ ١٢٨، ١٢٩، والمجموع ٢/ ٣٤٩، وحلية العلماء ١/ ٢٦٧.
(١) ينظر: الانتصار ٢/ ٣١٣.
(٢) في (ب): وهو أصل.
(٣) ينظر: روضة الطالبين ص ٥٣، والمهذب ١/ ١٣٨، والكافي لابن عبد البر ١/ ٤٨ وفيه: فإن افتتح الصلاة ثم طلع عليه الماء فلا يقطع صلاته، ويتمادى فيها، ولا شيء عليه، إلا أنه يستأنف الوضوء لما يستقبل من صلاته.
(٤) وكما هو رأي مالك. ينظر: الانتصار ٢/ ٣١٤، والكافي لابن عبد البر ١/ ٤٥.
(٥) في (ب، ج): حكما وعلما.
(٦) ينظر: شرح الأزهار ١/ ١٤٦.