كتاب الطهارة
  وأما الجنابة فلم يتعلق بها إلا الصلاة، فلم يجب إجبارها [كما](١) في الصلاة، وجعل السيد يحيى حكمها حكم المجنونة في سقوط النية، وأنه يجوز للزوج أو(٢) السيد إجراء الماء عليها، يعني إذا كان مسلما على القول بصحة نكاح الذمية وجوازه للمسلم(٣).
  فائدة أخرى: من جامع الحائض مستحلا كفر؛ لرده ما علم من الدين ضرورة، وغير المستحل لا يكفر ولا يفسق، بل يكون عاصيا معصية محتملة؛ لعدم الدليل القاطع.
  وأما الخبر المتقدم فهو آحادي ومتأول كما سبق، والمذهب أنه لا كفارة عليه، وإنما تلزمه التوبة، وهو قول أبي حنيفة، ومالك، وأحد قولي الشافعي(٤)؛ لما روي عن علي أن رجلا قال له: إني وطأت امرأتي على غير طهر، فقال له: اذهب فما أنت بصبور ولا قدور، واستغفر الله من ذنبك ولا تعد إلى مثلها، ولا حول ولا قوة إلا بالله. حكاه في الانتصار، ونحوه في أصول الأحكام(٥).
  وعلى قول الشافعي الآخر، وأحمد، وإسحاق: تلزمه الكفارة وهي دينار إن كان ذلك في أول الحيض، ونصف دينار إن كان في آخره(٦)؛ لما رواه الترمذي عن ابن عباس أن رسول الله ÷ قال: «إذا وقع الرجل بأهله وهي حائض فليتصدق بنصف دينار»(٧)، وفي رواية: أنه قال: «إذا أصابها في أول الدم والدم أحمر فليتصدق بدينار، وإذا أصابها في انقطاع الدم والدم أصفر فنصف دينار»(٨)، قال
= يقف عليه وفي غسل الجنابة قولان: أحدهما: له أن يجبرها عليه؛ لأن كمال الاستمتاع يقف عليه؛ لأن النفس تعاف من وطء الجنب. الثاني: ليس له أن يجبرها لأن الوطء لا يقف عليه.
(١) سقط من (ب، ج).
(٢) في (ب، ج): للزوج والسيد.
(٣) ينظر: شرح الأزهار ١/ ١٥٨، والبيان الشافي ١/ ١٥٨.
(٤) ينظر: الانتصار ٢/ ٣٦٢، والبحر الزخار ١/ ١٣٧، والمهذب ١/ ١٤٢، والأوسط ٢/ ٢١٠، وعيون المجالس.
(٥) الانتصار ٢/ ٣٦٢، وأصول الأحكام ١/ ٦٦ رقم (٢١٧).
(٦) ينظر: الانتصار ٢/ ٣٦١، والبحر الزخار ١/ ١٣٧، والمهذب ١/ ١٤٢، والأوسط ٢/ ٢١٠.
(٧) أخرجه الترمذي في سننه ١/ ٢٤٢ رقم (١٣٥)، وقال: لا نعرف هذا الحديث إلا من حديث حكيم الأثرم، عن تميمة الفجيمي، عن أبي هريرة، وإنما معنى هذا عند أهل العلم التغليظ، وقال الألباني في صحيح وضعيف الترمذي ١/ ١٣٥: صحيح، والبيهقي في سننه، كتاب الحيض - باب ما ورد في كفارة من أتى امرأته حائضا ١/ ٣١٨ رقم (١٤٢٠)، وتلخيص الحبير ١/ ١٦٤ رقم (٢٢٧).
(٨) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب النكاح - باب في كفارة من أتى حائضا ص ٣٦٨ رقم (٢١٦٩)، والبيهقي في سننه، كتاب الحيض - باب ما روي في كفارة من أتى امرأته حائضًا ١/ ٣١٨ رقم (١٤١٩).