تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 595 - الجزء 1

  نعم ذكر مسألة الجمع السيد أبو طالب، وفي هذه المسألة ثلاثة أقوال: الأول: الذي صححوه للمذهب، وهو أنه يكفيها وضوء واحد⁣(⁣١).

  القول الثاني: للشافعي أنه توضأ لكل صلاة، سواء جمعت أم وقتت⁣(⁣٢).

  قال في الزوائد: وإليه أشار القاسم، وحكاه في الخلاف بين الهادي والقاسم.

  القول الثالث: للإمامية أنه يجب عليها أن تغتسل لكل صلاة. انتهى⁣(⁣٣).

  قلت: أما القول الأول: فدليله على جواز الجمع بالوضوء الواحد نحو حديث حمنة بنت جحش وسيأتي، وفيه أيضًا دلالة على عدم وجوب الغسل لكل صلاة. ويدل أيضا على عدم وجوبه خبر فاطمة بنت قيس⁣(⁣٤) حيث قال لها النبي ÷: «إذا كان دم الحيضة⁣(⁣٥) فإنه دم أسود يعرف، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة، وإذا كان الآخر فتوضئي وصلي فإنما هو عرق»⁣(⁣٦) فلم يأمرها بالغسل، وقوله في حديث زيد بن علي: «اغتسلي لكل طهر كما كنت تفعلين واجعليه بمنزلة الجرح في جسدك كلما حدث دم أحدثت طهورا»⁣(⁣٧). ودليل القول الثاني: نحو حديث عدي بن ثابت⁣(⁣٨) حيث قال فيه:) تدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل وتصلي


(١) ينظر: الانتصار ٢/ ٤٢٥، والبحر الزخار ١/ ١٤٣.

(٢) ينظر: المهذب ١/ ١٦٥، والحاوي ١/ ٥٤٢.

(٣) ينظر: اللمعة الدمشقية ١/ ٣٩١.

(٤) فاطمة بنت قيس بن خالد الفهرية، صحابية مشهورة، من المهاجرات الأول، أخت الضحاك بن قيس، وكانت أكبر منه بعشرين سنة، كانت امرأة نبيلة، ذات عقل، وجمال، وكمال، وفي بيتها اجتمع أصحاب الشورى عند قتل عمر، كانت عند أبي عمرو بن حفص بن المغيرة فطلقها، فخطبها معاوية، وأبو جهم بن حذيفة فاستشارت النبي ÷ فيهما، فأشار عليها بأسامة بن زيد فتزوجته، روى لها الجماعة. ينظر: سير أعلام النبلاء ٢/ ٣١٩ رقم (٦٠)، والاستيعاب ٤/ ٤٥٤ رقم (٣٤٩٦)، والإصابة ٤/ ٣٧٣، وأسد الغابة ٧/ ٢٢٤ رقم (٧١٩٣)، وتهذيب الكمال ٣٥/ ٢٦٤ رقم ٧٩٠٤.

(٥) في (ب، ج): دم الحيض.

(٦) سبق تخريجه.

(٧) مجموع الإمام زيد ص ٨٧ - ٨٩.

(٨) عدي بن ثابت الأنصاري الكوفي، روى عن أبيه وجده لأمه عبد الله بن يزيد الخَطْمِيِّ، والبراء، وسليمان بن صُرَد، وابن جبير، وروى عنه الأعمش وشعبة، وابن جنِّي، وابن جُدعان. وثقه أبو حاتم، والذهبي، وأحمد، وابن معين، والعجلي، والنسائي، والدارقطني، وابن شاهين، وعابوا عليه تشيعه. قال البرقاني: قلت للدارقطني: فعدي بن ثابت، عن أبيه عن جده؟ فقال: لا يثبت، ولا يُعْرَفُ أبوه ولا جده، وعدي ثقة. قال الطبري: عدي بن ثابت كان ممن يحب التثبت في نقله، احتج به الجماعة، توفي سنة (١١٦ هـ). ينظر: الفلك الدوار ص ٩٠ رقم =