تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 17 - الجزء 2

  لهما ضربهما للتأديب حيث صدر منهما ما يقتضيه من فعل أو ترك مما يعود نفعه عليهما في الدين أو الدنيا؛ ولما رواه ابن عمرو بن العاص⁣(⁣١) قال: قال رسول الله ÷: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع». أخرجه أبو داود⁣(⁣٢).

  وعن سبرة بن معبد الجهني⁣(⁣٣) قال: قال رسول الله ÷: «مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين، فإذا بلغ عشر [سنين]⁣(⁣٤) فاضربوه عليها» هذه رواية أبي داود، وللترمذي نحوه⁣(⁣٥)، وإنما يجوز الضرب المستحسن لا المبرح الذي يجرح أو يكون في الوجه أو نحو ذلك؛ وفائدة ذلك مع عدم وجوب الصلاة عليه⁣(⁣٦)؛ أن يتعود فعلها أو يتمرن عليه؛ لئلا يثقل عليه فعلها بعد تكليفه، ويستحق بفعلها العوض في مقابلة ما يلحقه من المشقة بفعلها لا الثواب؛ لعدم التكليف، ولا تكون صلاته نفلاً، خلافًا لبعض الفقهاء⁣(⁣٧).

  وعن المؤيد بالله، والوافي أن أمر الصبي بالصلاة وإجباره عليها مستحب فقط، والظاهر أن هذا الحكم مختص بالصلاة من بين سائر الواجبات؛ لورود النص فيها؛ ولأنها تخالف غيرها بزيادة المشقة في فعلها؛ لتكررها واستمرارها، فاحتيج إلى التعويد فيها دون غيرها⁣(⁣٨).

  وأما المحظورات فيجب نهيهم عنها جميعًا على الولي وغيره، وإن كانت غير محظورة في حقهم؛ لأن اجتناب المحظور لدفع مفسدة وفعل الواجب لتحصيل مصلحة، ودفع الفاسد أهم من تحصيل المصالح⁣(⁣٩).


(١) عبد الله بن عمرو بن العاص، أسلم قبل أبيه، وشهد مع أبيه فتوح الشام، توفي سنة ٦٥ هـ، وقيل: غير ذلك. روى له الجماعة. ينظر: أسد الغابة ٣/ ٣٤٧، والإصابة ٢/ ٣٤٣.

(٢) سنن أبي داود ١/ ٣٣٤ رقم ٤٩٥، كتاب الصلاة - باب متى يؤمر الصبي بالصلاة.

(٣) سبرة بن معبد الجهني أبو ثرية، ويقال: أبو ثلجة، أول مشاهده الخندق، سكن بالمدينة وله بها دار، ثم انتقل في آخر أيامه إلى المروة، توفي أيام معاوية، روى له الجماعة. طبقات ابن سعد ٤/ ٣٤٨، وأسد الغابة ٢/ ٤٠٦، والاستيعاب ٢/ ١٤٦، وتهذيب الكمال ١٠/ ٢٠٣.

(٤) ما بين المعقوفتين ساقط من (ج).

(٥) سنن أبي داود ١/ ٣٣٢ رقم (٤٩٤)، كتاب الصلاة - باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، والترمذي ٢/ ٢٥٩ رقم (٤٠٧)، وقال: حديث حسن صحيح، كتاب الصلاة - باب ما جاء متى يؤمر الصبي بالصلاة.

(٦) عدم وجوب الصلاة على الصبي العاقل هو قول الجمهور، وذهب أحمد في أصح الروايتين عنه إلى أنها تجب عليه. ينظر: المغني لابن قدامة ١/ ٤١١، والمهذب للشيرازي ١/ ١٨١، والمعاني البديعة ١/ ٢١٦، والانتصار ٢/ ٤٠٩.

(٧) الانتصار ٢/ ٤٠٩، والبيان الشافي ١/ ١٦٦.

(٨) البيان الشافي ١/ ١٦٦، والتذكرة الفاخرة ص ٨١.

(٩) ينظر: الانتصار ٢/ ٤٩٦، والبيان الشافي ١/ ١٦٦، وشرح الأزهار ١/ ١٧٠.