تفتيح القلوب والأبصار إلى اقتطاف أثمار الأزهار،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 18 - الجزء 2

  وعن بعض المعتزلة أنه لا يجب نهيهم عن المحظورات؛ إذ ليس بمحظور في حقهم⁣(⁣١)، وإنما يجب ضرب الصبي والعبد لفعل الصلاة إذا كان لا يؤدي إلى إباق العبد وعقوق الصبي على الأصح، وإلا سقط وجوب ذلك؛ لتأديته إلى المنكر.

  فأما الزوجة فلا يلزم الزوج من أمرها إلا كما يلزم سائر المسلمين، لكنه أخص بذلك، ولا يجب عليه هجرها لذلك⁣(⁣٢)؛ إذ فيه ترك حق له، كما لا يجب على أحد إسقاط دينه عمن لا يفعل الواجب إلا بإسقاطه، وكذلك تعليمها⁣(⁣٣) لا يتعين عليه إذا قام به غيره كغيرها⁣(⁣٤).

  ويجوز للولي تعليم صبيه القرآن وتأديبه لذلك، ولا يجب إلا للقدر الواجب وهو الفاتحة وثلاث آيات، والله أعلم.

  (ولصحتها مطلقًا كما مر خمسة) أي ويشترط لصحة الصلاة الحقيقية والمجازية كما مر في الوضوء خمسة أمور، وقد بينها أيده الله تعالى بقوله:

  (الأول: الإسلام) وإنما جعل الإسلام من شروط الصحة وهو في الأزهار من شروط الوجوب اختيارًا منه للقول بأن الكفار مخاطبون بالشرعيات⁣(⁣٥)، وأنهم يعاقبون على تركها مع عقاب كفرهم⁣(⁣٦)؛ لقوله تعالى: {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ٤٣}⁣(⁣٧)، وقوله تعالى: {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ ٦ الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ}⁣(⁣٨).

  وعن الحنفية وهو ظاهر التذكرة والأزهار أنها لا تجب عليهم؛ إذ لا تصح منهم، ولا يلزمهم قضاؤها إذا أسلموا⁣(⁣٩).


(١) لم أقف على القائل به من المعتزلة.

(٢) روي ذلك عن الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى، وروى النجري أنه رجع عن ذلك. ينظر: هامش شرح الأزهار ١/ ١٧١.

(٣) في (ج): وكذلك تعليم ما لا يتعين.

(٤) شرح الأزهار ١/ ١٧١، والانتصا ر ٢/ ٤٨٥، والبيان الشافي ١/ ١٦٧، والتذكرة الفاخرة ص ٨١.

(٥) لفظ الأزهار: في وجوبها ثلاثة: عقل، وإسلام ... ينظر: شرح الأزهار ١/ ١٦٨.

(٦) اختلف في الكفار هل هم مخاطبون بالأحكام الشرعية أم لا على ثلاثة مذاهب: الأول: أنهم مخاطبون بهذه الشرائع، ومعاقبون على تركها في الآخرة إذا ماتوا على الكفر، وهذا هو رأي أئمة الزيدية، ومحكي عن الشافعي. المذهب الثاني: أنهم غير مخاطبين بهذه الأعمال الشرعية، ولا يأثمون بتركها، ولا يعاقبون على تركها. المذهب الثالث: أنهم مخاطبون بترك المنهيات نحو ترك الزنا، والقتل، وسائر المناهي، وغير مخاطبين بالمأمورات نحو الصلاة والصيام والحج. ينظر: الانتصار ٢/ ٤٨٦، والبحر الزخار ٣/ ١٤٩، والفصول اللؤلؤية ص ١٣٤، والبحر المحيط للزركشي ٢/ ١٢٤.

(٧) سورة المدثر: ٤٣.

(٨) سورة فصلت: ٦ - ٧.

(٩) شرح الأزهار ١/ ١٦٨، والتذكرة الفاخرة ص ٤٧، والانتصار ٢/ ٤٨٥.